مفاوضات نووية على حافة التصعيد.. ترامب يؤكد التقدم وإيران تحذر من مفاوضات بلا جدوى

في مؤشر على عودة الزخم إلى المفاوضات النووية المتعثرة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي "تمضي على نحو جيد"، لكنه شدد في تصريحاته للصحافيين على متن طائرة الرئاسة أن الحكم الحقيقي سيكون عند النهاية، قائلاً: "لا شيء يهم حتى تنتهي (المحادثات)... لكنها تمضي على ما يرام، أعتقد أن الأمور تسير على نحو جيد للغاية".
تصريحات ترامب جاءت بعد لقاء نادر جمع مسؤولين أمريكيين وإيرانيين في العاصمة العُمانية مسقط، في محاولة لكسر الجمود الذي يخيّم على العلاقات بين الجانبين منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015 في عهد ترامب ذاته.
إشارات متباينة وسط تصعيد غير مستبعد
رغم التفاؤل الحذر الذي عبّر عنه ترامب، لا تزال أجواء الشك تسيطر على الطرفين، لا سيما في ظل تهديداته المتكررة باللجوء إلى الخيار العسكري في حال فشلت المحادثات في التوصل إلى اتفاق جديد، أكثر تشددًا من الاتفاق السابق.
إيران من جهتها أعلنت أن الولايات المتحدة تبدو مستعجلة للتوصل إلى اتفاق نووي "بأقرب وقت ممكن"، لكنها حذرت من أن الطريق لا يزال معقدًا ويحتاج إلى إرادة واستعداد حقيقيين من الطرفين. وأشار كبير المفاوضين الإيرانيين، وزير الخارجية عباس عراقجي، إلى أن الاجتماع الأخير شكّل تقدمًا مهمًا، لكنه شدد على ضرورة تجنب "المفاوضات العقيمة" التي تهدر الوقت دون نتائج ملموسة.
قادة التفاوض.. بين الخبرة السياسية والطابع التجاري
من اللافت في هذا اللقاء أن المفاوضات جمعت بين شخصيتين متباينتين تمامًا: عراقجي، الدبلوماسي المحنك وأحد مهندسي الاتفاق النووي لعام 2015، من الجانب الإيراني، وستيف ويتكوف، رجل الأعمال والمقرّب من ترامب، من الجانب الأمريكي. اللقاء بينهما لم يدم طويلاً، لكنه كان كافيًا ليضع أسسًا أولية لمواصلة الحوار في جولة جديدة الأسبوع المقبل.
السلطنة العُمانية، التي لطالما لعبت دور الوسيط في الملفات الإقليمية المعقدة، احتضنت اللقاء ووفّرت الأرضية للحوار بعيدًا عن ضوضاء التصريحات الإعلامية. وأفادت إيران أن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي هو من تولى التنسيق وتسهيل هذا اللقاء الرفيع المستوى.
مطالب متشددة وحدود حمراء
ويتكوف، الذي تحدث لاحقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، أكد أن الموقف الأمريكي لا يزال يطالب بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وهو مطلب ترى طهران أنه غير واقعي في ظل التوازنات الحالية. ورغم ذلك، لم يغلق ويتكوف الباب أمام الحلول الوسط، قائلاً: "هذا لا يعني أننا لن نجد طرقًا أخرى للتسوية"، مع تأكيده أن "الخط الأحمر" لواشنطن هو منع إيران من الوصول إلى القدرة العسكرية النووية.
تجري هذه المفاوضات في ظل سياق دولي متوتر، ومخاوف متزايدة من انزلاق جديد في منطقة الشرق الأوسط. وبين التلويح بالتصعيد والسعي الحذر للتفاوض، يبدو أن الجانبين يختبران حدود بعضهما البعض في مرحلة معقدة من العلاقات الثنائية. لكن إذا لم تُترجم هذه اللقاءات إلى اتفاق ملموس، فقد تكون الجولة المقبلة من التصريحات أقل دبلوماسية، وأكثر حدة.