جولة السيسي الخليجية في ظل تصاعد أزمة غزة.. دبلوماسية مكثفة لوقف التصعيد ودعم التعاون الإقليمي

في إطار دور مصر الريادي والفعال الساعي لحل الأزمة الفلسطينية يبدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جولة إلى قطر والكويت تحمل في طياتها أبعادًا سياسية واقتصادية، وتُعدّ امتدادًا للدور المصري في هندسة التهدئة الإقليمية، خاصة في ظل اشتداد الأزمة في غزة واحتدام الصراع الذي بات يهدد بانفجار أوسع إذا لم تُفلح الجهود الدبلوماسية في كبح جماح التصعيد.

يستهل الرئيس السيسي، جولته الخليجية اليوم الأحد، بزيارة قطر في توقيت دقيق تمر فيه المنطقة بتطورات إقليمية بالغة التعقيد، لاسيما في ظل عودة التصعيد العسكري إلى قطاع غزة بعد هدنة هشة دامت شهرين.
ووفق بيان رسمي صادر عن الرئاسة المصرية، من المقرر أن يبحث السيسي في الدوحة مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني آخر مستجدات الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها تطورات القضية الفلسطينية، والجهود الجارية لإعادة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تصعيد عسكري إسرائيلي جديد.

نهاية الهدنة وبداية مرحلة أكثر عنفاً

يأتي التحرك المصري في وقت يشهد قطاع غزة موجة عنيفة من القصف الإسرائيلي، تُعدّ الأوسع من حيث النطاق والكثافة منذ بداية الحرب، وهو ما أعاد إلى أذهان سكان القطاع مشاهد الأيام الأولى من العمليات العسكرية، التي خلّفت دماراً هائلاً وأزمة إنسانية متفاقمة. وقد شملت العمليات البرية الإسرائيلية مناطق جديدة في محاولة للضغط على حركة "حماس" بهدف الإفراج عن بقية الرهائن الإسرائيليين.
الهدنة السابقة، التي استمرت نحو ستة أسابيع، مكّنت من تهدئة الأوضاع نسبيًا، وأسفرت عن إطلاق سراح 33 رهينة إسرائيليًا، من بينهم 8 جثث، مقابل إفراج إسرائيل عن أكثر من 1800 معتقل فلسطيني. كما ساهم الاتفاق في إدخال كميات من المساعدات الإنسانية العاجلة، التي كانت بمثابة شريان حياة لسكان القطاع، لكن استئناف العمليات العسكرية فجّر الوضع مجددًا.

مصر بين الوساطة والتنسيق الإقليمي

تلعب القاهرة دورًا محوريًا في جهود الوساطة بين الأطراف المعنية بالنزاع، وتحاول الحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة مع كل من قطر والولايات المتحدة وإسرائيل والفصائل الفلسطينية. وتأتي زيارة السيسي إلى الدوحة في إطار هذا الحراك السياسي الرفيع المستوى الذي يستهدف استعادة الهدوء وتفادي الانزلاق إلى حرب أوسع، قد تكون لها تداعيات إقليمية خطيرة.
كما تعكس الزيارة عمق التنسيق بين مصر وقطر، في ظل سعي البلدين لتعزيز دوريهما كوسطاء فاعلين في ملف غزة، خصوصًا مع ما تمثله قطر من جهة داعمة للفصائل الفلسطينية، ومصر من جهة ضامنة لاتفاقات التهدئة عبر حدودها مع القطاع.

في المحطة الثانية من جولته، يتوجه السيسي إلى الكويت حيث سيجري مباحثات مع القيادة الكويتية بشأن سبل توسيع آفاق التعاون الثنائي، خاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار. ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن الزيارة تعكس "الحرص المتبادل بين البلدين على تنمية العلاقات المشتركة، ومواصلة تعزيز المصالح الاقتصادية والاستراتيجية".

قراءة في التوقيت والسياق

تأتي الجولة في لحظة إقليمية حساسة، حيث يتقاطع التصعيد العسكري في غزة مع التحولات الجيوسياسية في المنطقة، والضغوط الدولية المتزايدة لاحتواء الأزمة. كما تُبرز الجولة الدور المتنامي للدبلوماسية المصرية في التعاطي مع الأزمات الإقليمية، في وقت تسعى فيه القاهرة أيضًا إلى تحفيز الشراكات الخليجية لدعم الاقتصاد الوطني وتوسيع الاستثمارات، ضمن استراتيجية شاملة تستهدف تعزيز الاستقرار الداخلي عبر بوابة العلاقات الإقليمية.