تحركات دبلوماسية مصرية مكثفة لتثبيت هدنة غزة وإطلاق مسار سياسي شامل

في سياق متصاعد من الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تهدئة الأوضاع في قطاع غزة، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا اليوم الأربعاء كشفت فيه عن اتصال هاتفي جرى بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والمبعوث الأميركي الخاص بالشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وتركزت المحادثات حول سبل ضمان بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مع بحث قضايا "الأمن والحوكمة" في القطاع، في مرحلة ما بعد التهدئة.
تحركات دولية لتثبيت الهدنة
البيان أشار إلى توافق الأطراف على أهمية العمل المشترك لخفض التصعيد في المنطقة وتجنب اتساع نطاق الصراع، في ضوء التوترات المتصاعدة إقليميًا.
ووفق ما نقله تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، فقد تناول الاتصال الجهود المنسقة بين مصر والولايات المتحدة وقطر لضمان استمرار وقف إطلاق النار في غزة، والتحرك الفاعل نحو تهدئة دائمة.
هذه المحادثات تأتي في إطار دور إقليمي ودولي متصاعد تحاول مصر من خلاله تعزيز موقعها كوسيط فاعل في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، مستندة إلى علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، فضلًا عن تاريخها الطويل في الوساطة بين حماس وإسرائيل.
إعادة إعمار غزة.. أولوية إنسانية وسياسية
ومن النقاط الجوهرية التي طُرحت في الاتصال، كانت خطة إعادة إعمار غزة، وهي خطة تم إقرارها عربيًا وإسلاميًا وتحظى بدعم عدد من الفاعلين الدوليين، من بينهم الاتحاد الأوروبي واليابان. في هذا السياق، شدد وزير الخارجية المصري على ضرورة تسريع إيصال المساعدات الإنسانية والطبية والإيوائية إلى القطاع، في ظل التدهور الإنساني الحاد الذي يعيشه سكان غزة نتيجة العمليات العسكرية المستمرة والحصار.
وأكد عبد العاطي كذلك على ضرورة الانتقال من مرحلة التهدئة إلى مسار سياسي واضح المعالم، يؤدي إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين، ووفق حدود الرابع من يونيو 1967، مع اعتبار القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة.
توسيع دائرة التنسيق العربي
في سياق موازٍ، بحث وزير الخارجية المصري مع نظيره الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، التحركات المقبلة للجنة العربية-الإسلامية الوزارية المعنية بإعادة إعمار غزة، وذلك على هامش فعاليات مؤتمر حوار الشرق الأوسط–أميركا (MEAD) الذي يُعقد في دولة الإمارات.
هذا اللقاء لم يقتصر على الملف الفلسطيني، بل شمل أيضًا مناقشات موسعة حول سبل تعميق العلاقات الثنائية بين القاهرة وأبو ظبي، خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والتجارية، ما يعكس توجهًا عربيًا لتوحيد المواقف في الملفات الإقليمية الحساسة، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه المنطقة من تصاعد التوترات الأمنية والاضطرابات السياسية.
يُظهر هذا التحرك المصري تعدد المسارات التي تتبعها القاهرة في إدارة ملف غزة: دبلوماسية دولية تركز على التنسيق مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، وتحرك إقليمي يستهدف بناء جبهة عربية موحدة، إلى جانب جهود إنسانية وسياسية تهدف إلى التمهيد لحل نهائي ومستدام.
وفي ظل هشاشة الأوضاع على الأرض، فإن قدرة هذه التحركات على إحداث تحول حقيقي مرهونة بعدة عوامل، من أبرزها: مدى التزام الأطراف بوقف إطلاق النار، وإمكانية تجاوز الخلافات الداخلية الفلسطينية، والتوازنات الإقليمية المعقدة التي تُلقي بظلالها على مسار أي تسوية محتملة.