اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

قمة مصرية-قطرية.. تأكيد على دعم إعمار غزة ورفض التهجير وسط تقاطعات إقليمية شائكة

 الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني

في سياق إقليمي معقد تتقاطع فيه الأزمات الإنسانية مع الحسابات السياسية، جاءت القمة التي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لتؤكد موقفًا عربيًا مشتركًا تجاه القضية الفلسطينية، لا سيما ما يتعلق بإعادة إعمار قطاع غزة ورفض التهجير القسري للفلسطينيين. القمة، التي عُقدت في أجواء تعكس تقاربًا متناميًا بين القاهرة والدوحة، شكّلت محطة مهمة لإعادة توجيه البوصلة السياسية العربية نحو دعم القضية الفلسطينية ضمن مقاربة إنسانية وسياسية متكاملة.
اللقاء، الذي شمل جلسة مباحثات موسعة بين وفدي البلدين تلتها جلسة ثنائية بين الزعيمين، لم يقتصر على مناقشة الأوضاع في غزة فقط، بل شمل ملفات إقليمية أكثر تعقيدًا، مثل الأوضاع في سوريا، لبنان، والسودان، ما يعكس حجم التشابك في الأزمات التي تواجه المنطقة، والحاجة إلى تنسيق عربي أكثر فاعلية.


الرسائل السياسية.. دعم بلا شروط لإعمار غزة


الرسالة المحورية التي خرج بها اللقاء تمثلت في التأكيد القاطع على رفض محاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهي رسالة تتجاوز البُعد الإنساني لتدخل في صميم معادلة الصراع العربي-الإسرائيلي. فالتهجير، كما تدرك القاهرة والدوحة، لا يمثل فقط خرقًا للقانون الدولي والإنساني، بل يُعيد إلى الأذهان سيناريوهات النكبة ويهدد بنسف أي فرصة لحل الدولتين.
السيسي والشيخ تميم شددا على ضرورة دعم الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، كمدخل أساسي لإنهاء الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه القطاع المحاصر، بشرط أن يكون هذا الإعمار جزءًا من رؤية سياسية شاملة تضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وهذا التزام واضح بإطار حل الدولتين، الذي يشكل حجر الأساس في المقاربات العربية التقليدية تجاه النزاع.


البُعد الإنساني.. كارثة وشيكة تتطلب تحركًا فوريًا


أكد الزعيمان على أولوية وقف إطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية بكميات كافية لاحتواء الكارثة التي يعيشها القطاع. هذه النقطة تعكس وعيًا عربيًا متزايدًا بخطورة تدهور الوضع الإنساني في غزة، وما قد يترتب عليه من تفجّر جديد في المنطقة، فضلًا عن التأثيرات الإنسانية والأخلاقية الجسيمة. كما أن الحديث عن تبادل الرهائن والمحتجزين يشير إلى رغبة في تفكيك تعقيدات الملف الأمني بما يهيئ الأرضية لجهود الإغاثة.

المحادثات لم تقتصر على الجانب السياسي، بل تطرقت إلى تعزيز الاستثمارات القطرية في مصر وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين. هذه الإشارة الاقتصادية تحمل دلالة مزدوجة: أولًا، رغبة القاهرة في تنويع مصادر الدعم الاقتصادي في ظل تحديات داخلية؛ وثانيًا، تعميق الشراكة مع الدوحة بما يخدم الطرفين سياسيًا واقتصاديًا، خاصة بعد سنوات من الفتور في العلاقات.

الملفات الإقليمية.. سوريا، لبنان، السودان

امتد النقاش إلى الأزمات المشتعلة في الإقليم، لا سيما في سوريا ولبنان والسودان، حيث اتفق الجانبان على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي هذه الدول، وهو ما يعكس رؤية مشتركة بضرورة الحد من التفكك الجيوسياسي الذي يهدد بنشر الفوضى وتكريس التدخلات الخارجية.
تمثل هذه القمة المصرية-القطرية محطة استراتيجية لإعادة بناء موقف عربي مشترك تجاه غزة، يتجاوز الإغاثة إلى التأثير السياسي. فالربط بين إعمار القطاع، ورفض التهجير، ودعم الدولة الفلسطينية يشكل خطابًا عربيًا جامعًا، يعيد الحيوية إلى المبادرة العربية للسلام، ويؤسس لمواقف أكثر تنسيقًا بين العواصم العربية.


الرسالة واضحة: لا إعمار دون سيادة فلسطينية، ولا تهجير مهما كانت الظروف، والحلول يجب أن تكون عربية الانتماء، وإنسانية الهدف، وسياسية العمق.

موضوعات متعلقة