اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

بوتين يقترح إدارة مؤقتة في أوكرانيا.. مناورة دبلوماسية أم فرض واقع جديد؟

الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

في تطور لافت للنظر ضمن الأزمة الأوكرانية، طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لميناء مورمانسك فكرة إنشاء إدارة مؤقتة في أوكرانيا تحت إشراف دولي، بهدف تمهيد الطريق لانتخابات جديدة وإبرام اتفاقات رئيسية. هذه المبادرة، التي تبدو في ظاهرها محاولة لتهدئة الصراع، تعكس في جوهرها إصرار موسكو على نزع الشرعية عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي انتهت ولايته في مايو 2024، لكنه لا يزال في السلطة وسط رفض روسي مستمر له.
رهانات روسيا في الصراع الأوكراني
تؤكد تصريحات بوتين أن روسيا تمضي قدمًا بثبات في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، معتبرًا أن القوات الروسية تسيطر على المبادرة العسكرية في الميدان. رغم أن بوتين لم يستبعد الحل السلمي، فإنه ربطه بشروط روسية صارمة تضمن عدم تقديم أي تنازلات على حساب موسكو.
هذه التصريحات تعكس إيمان روسيا بقدرتها على فرض شروطها عبر القوة العسكرية، لا سيما بعد النجاحات الميدانية الأخيرة، حيث تسعى موسكو إلى استثمار التقدم العسكري في تعزيز موقفها التفاوضي.
موقف روسيا من المبادرات الدولية
إبداء بوتين انفتاحًا على فكرة إشراف دولي على الإدارة المؤقتة في أوكرانيا يعكس رغبة موسكو في إضفاء طابع شرعي على خططها لإعادة تشكيل النظام الأوكراني، لكنه في الوقت ذاته يضع شروطًا ضمنية على الأطراف الدولية، مفادها أنه لا يمكن لأي تسوية أن تتجاهل "الواقع الجديد" الذي فرضته روسيا في الميدان.
بعبارة أخرى، تسعى موسكو إلى كسب الوقت سياسيًا من خلال طرح المبادرات، بينما تواصل تكريس سيطرتها العسكرية على الأرض، في خطوة قد تدفع الغرب إلى التعامل مع الوضع باعتباره أمرًا واقعًا.
دور الولايات المتحدة: هل تتغير المعادلة مع ترمب؟
تزامن حديث بوتين مع مؤشرات على اهتمام الرئيس الأميركي المنتخب حديثًا، دونالد ترمب، بإجراء محادثات مباشرة مع موسكو، خلافًا لنهج إدارة بايدن المتشدد تجاه روسيا. هذا التطور قد يفتح الباب أمام تحول محتمل في الموقف الأميركي من النزاع، وهو ما تراهن عليه موسكو ضمن حساباتها الاستراتيجية.
هل هناك دعم عسكري خارجي لروسيا؟
في سياق متصل، أفادت تقارير غربية وأوكرانية بأن كوريا الشمالية أرسلت أكثر من 11 ألف جندي لدعم القوات الروسية في منطقة كورسك، وهو ما لم تؤكده موسكو رسميًا. إذا صحت هذه المعلومات، فقد يكون ذلك مؤشرًا على توسيع روسيا لدائرة تحالفاتها العسكرية، مما قد يؤدي إلى مزيد من التعقيد في المشهد الجيوسياسي للصراع الأوكراني.
تحليل المشهد: ما وراء المبادرة الروسية؟
على الرغم من أن مبادرة بوتين تبدو خطوة نحو التسوية السياسية، فإنها تعكس في الواقع محاولة لتعزيز الموقف الروسي دبلوماسيًا في ظل استمرار العمليات العسكرية. بينما تواجه حكومة زيلينسكي أزمة شرعية داخلية وتحديات ميدانية كبيرة، تسعى موسكو إلى فرض واقع جديد يمكنها من إعادة تشكيل النظام السياسي الأوكراني وفقًا لمصالحها.
لكن يبقى السؤال الأهم:
هل ستقبل الأطراف الدولية بمثل هذه المبادرة؟

وهل يمكن فرضها على الأرض في ظل استمرار التصعيد العسكري؟

الإجابة عن هذه الأسئلة تحدد شكل المرحلة المقبلة في الصراع، وسط مناورات سياسية وعسكرية متسارعة قد تعيد رسم خريطة النفوذ في أوكرانيا وأوروبا الشرقية بالكامل.

موضوعات متعلقة