اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

باكستان تُصعّد عمليات الترحيل الجماعي للأفغان.. أزمة إنسانية وتوترات متزايدة مع طالبان

باكستان تُصعّد عمليات الترحيل الجماعي للأفغان
باكستان تُصعّد عمليات الترحيل الجماعي للأفغان

منذ سبتمبر 2023، رحّلت باكستان أكثر من 860 ألف مهاجر أفغاني، معظمهم عبروا الحدود عائدين إلى أفغانستان من خلال إقليم خيبر بختونخوا، في واحدة من أضخم عمليات الإعادة القسرية في المنطقة منذ عقود. هذا الترحيل الجماعي، الذي تم على مرحلتين، يكشف حجم التحدي الذي تواجهه كل من إسلام آباد وكابول في إدارة تداعيات ملف الهجرة، الذي يتقاطع فيه الأمن بالإنسانية.

المرحلة الأولى من خطة الترحيل استهدفت المهاجرين غير النظاميين، ورافقتها تقارير عن طرد قسري دون مراعاة الجوانب الإنسانية أو القانونية. أما المرحلة الثانية، التي بدأت مطلع عام 2025، فشملت حتى حملة بطاقات المواطن الأفغاني الذين مُنحوا مهلة حتى 1 أبريل لمغادرة البلاد.


وبحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة، فإن أعداد العائدين اليومية ارتفعت بشكل كبير، إذ تجاوز المعدل اليومي في أبريل 4000 شخص، مقارنة بمتوسط 77 فقط في مارس الماضي، مما يشير إلى تصاعد في وتيرة الترحيل.

ترى السلطات الباكستانية أن الإعادة ضرورية لضبط الوضع الأمني الداخلي، خاصة مع تصاعد العمليات المسلحة في المناطق الحدودية، والتي تُتهم بعض الجماعات الأفغانية بالضلوع فيها. في المقابل، تُعتبر هذه الخطوات بالنسبة للحكومة الأفغانية - بقيادة طالبان - انتهاكًا لحقوق الإنسان، حيث اتهمت إسلام آباد باتباع "أساليب عنيفة" في عمليات الطرد، وخاصة بعد إلغاء تصاريح إقامة 800 ألف أفغاني.


تبعات اقتصادية واجتماعية


يواجه العائدون إلى أفغانستان بيئة شديدة الصعوبة، وسط انهيار اقتصادي، وغياب بنية تحتية قادرة على استيعاب هذا التدفق الهائل من العائدين. وتُشكل هذه العودة المفاجئة عبئًا كبيرًا على حكومة طالبان، التي تفتقر للموارد والمؤسسات القادرة على إعادة إدماج مئات الآلاف في المجتمع وسوق العمل.


مع توقعات بوصول عدد المرحّلين إلى 1.6 مليون أفغاني خلال 2025، تنذر هذه الحملة بتصاعد التوترات بين الجارتين، خاصة في ظل غياب اتفاق مشترك أو آلية دولية فاعلة لضمان عودة إنسانية ومنظمة. وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو 3 ملايين أفغاني لا يزالون يقيمون في باكستان، منهم 1.3 مليون فقط يحملون تصاريح إقامة سارية حتى 30 يونيو 2025، ما يفتح الباب أمام مرحلة ثالثة من الترحيل.

قراءة تحليلية في أبعاد الأزمة

سياسيًا: تشكّل عمليات الترحيل ضغطًا إضافيًا على طالبان التي تسعى لنيل اعتراف دولي، لكنها تجد نفسها عاجزة عن حماية رعاياها في الخارج.


إنسانيًا: يخشى المراقبون من تفاقم كارثة إنسانية، مع عودة غير منظمة لعشرات الآلاف من الأطفال والنساء إلى بيئة غير آمنة ومفتقرة لأبسط مقومات الحياة.


إقليميًا: قد يتسبب استمرار الأزمة في توتير العلاقات بين باكستان وجيرانها، ويؤثر على الاستقرار الإقليمي الهش، خصوصًا مع تزايد التدخلات الدولية في ملف اللاجئين.

موضوعات متعلقة