باكستان تتجه للتصعيد العسكري ضد المسلحين وتكثف ضغوطها على اللاجئين الأفغان

في خطوة تعكس تشدد إسلام آباد في مواجهة تصاعد الهجمات المسلحة، أعلنت باكستان أنها تعتزم استهداف مخابئ المسلحين الذين يعتقد أنهم وراء موجة العنف الأخيرة التي تشهدها البلاد. وأكد مسؤول استخباراتي باكستاني أن بلاده "ستأخذ الحرب إلى أبواب من يقفون وراء الهجمات"، وذلك عقب اجتماع أمني رفيع المستوى ترأسه رئيس الوزراء شهباز شريف.
يأتي هذا التصعيد وسط تصاعد هجمات حركة طالبان باكستان، التي تنطلق من مخابئ داخل الأراضي الأفغانية. ووفقًا لمسؤول أمني آخر، فإن إسلام آباد تستعد لاستخدام الطائرات المسيرة والمقاتلات الجوية في عملياتها ضد المسلحين، مما يشير إلى توجه نحو عمليات عسكرية واسعة قد تزيد من تعقيد العلاقة المتوترة مع كابل.
لا تقتصر الحملة العسكرية المرتقبة على طالبان باكستان، بل تشمل أيضًا مقاتلي الجماعات الانفصالية، خاصة بعد هجوم مميت استهدف قطارًا في إقليم بلوشستان، أسفر عن مقتل نحو 30 راكبًا وجنديًا. ومع استمرار هذه التهديدات، يبدو أن إسلام آباد عازمة على إعادة تشكيل المشهد الأمني الإقليمي وفقًا لأولوياتها.
ضغوط باكستانية ومخاوف من انتهاكات طالبان
في موازاة التصعيد العسكري، تواجه باكستان انتقادات حقوقية بسبب حملتها المتزايدة ضد اللاجئين الأفغان. ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن إسلام آباد تكثف الضغوط على اللاجئين للعودة إلى بلادهم، حيث يواجهون خطر الاضطهاد على يد طالبان، إضافة إلى ظروف اقتصادية قاسية.
وقالت إلين بيرسون، مديرة مكتب المنظمة في آسيا، إن على باكستان وقف عمليات الترحيل القسري ومنح اللاجئين فرصة للحصول على حماية دولية. كما دعت سلطات طالبان إلى تجنب أي أعمال انتقامية ضد العائدين، ووقف سياساتها القمعية ضد النساء والفتيات.
وقد حددت الحكومة الباكستانية 31 مارس 2025 كموعد نهائي لترحيل جميع الأجانب غير الشرعيين، ومعظمهم من الأفغان. ورغم نفي باكستان اتهامات كابل بأنها تستهدف اللاجئين الأفغان بشكل غير قانوني، إلا أن السفارة الأفغانية في إسلام آباد أفادت بتزايد الاعتقالات والترحيل القسري، لا سيما في العاصمة إسلام آباد ومدينة راولبندي.
عودة محفوفة بالمخاطر
مع تدهور أوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان منذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، يجد العائدون أنفسهم أمام واقع صعب. فالنساء والفتيات ممنوعات من التعليم والعمل، بينما يواجه الرجال تحديات اقتصادية هائلة في ظل ارتفاع البطالة وانهيار الخدمات الأساسية، بما في ذلك نظام الرعاية الصحية.
فتح معبر تورخام الحدودي
وسط التوترات، أعلن مسؤولون حكوميون من باكستان وأفغانستان عن إعادة فتح معبر تورخام الحدودي، الذي يعد شريانًا رئيسيًا للتجارة والسفر بين البلدين، بعد إغلاقه لمدة شهر بسبب اشتباكات مسلحة.
وأكد المسؤول الباكستاني رياض خان محسود أن المعبر سيعاد فتحه بشكل تدريجي، حيث سيبدأ بالسماح بمرور الشاحنات التجارية، على أن يُسمح لاحقًا للأفراد بالعبور سيرًا على الأقدام.
إعادة فتح المعبر قد تساعد في تخفيف حدة التوترات، لكنها لن تلغي الخلافات العميقة بين إسلام آباد وكابل، خاصة مع استمرار الهجمات عبر الحدود، وتعقيد ملف اللاجئين الأفغان. فبينما تسعى باكستان إلى فرض سيطرتها الأمنية، تجد أفغانستان نفسها أمام تحديات داخلية وخارجية متزايدة، في ظل ضغوط دولية على حكومة طالبان لإجراء إصلاحات، وهو أمر لا يبدو في الأفق القريب.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
مع استمرار التوتر الأمني والسياسي، تبدو المنطقة مقبلة على أحد سيناريوهين:
-
تصعيد عسكري متزايد من قبل باكستان ضد طالبان باكستان والجماعات الانفصالية، مما قد يدفع كابل إلى رد فعل غير متوقع.
-
تهدئة مؤقتة عبر قنوات دبلوماسية، خاصة إذا تدخلت قوى إقليمية مثل الصين، التي تمتلك نفوذًا على كلا الطرفين، في محاولة لضبط الإيقاع وتجنب تصعيد قد يخرج عن السيطرة.