عودة المسلحين.. هل تشعل سوريا مجددًا نار الإرهاب في أوروبا؟
سلط تقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية الضوء على المخاطر التي قد تطرأ على الأمن الأوروبي في حال عودة عشرات الآلاف من المسلحين، ومن بينهم عناصر من تنظيم داعش، إلى أوروبا عقب انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد. التقرير استعرض الوضع الحالي في سوريا والتغيرات التي شهدتها الساحة هناك، بما في ذلك تحولات في مواقف بعض الفصائل المسلحة، مثل هيئة تحرير الشام، التي بدأ زعيمها أبو محمد الجولاني بتغيير صورته من "إرهابي محظور دولياً" إلى "شريك دولي" في سياق محاولات لتوسيع نفوذه وإيجاد موطئ قدم له في المستقبل السياسي لسوريا.
وأشار التقرير إلى أن هيئة تحرير الشام، التي تقاتل في شمال غرب سوريا، قد أفرجت عن 180 مقاتلاً ينتمون إلى تنظيم داعش من السجون التي تسيطر عليها في إدلب، ما يثير تسا
على الرغم من تأكيدات الجولاني في مناسبات عدة بأنه يركز على مستقبل سوريا ولا يهدف إلى أن يصبح نموذجًا مشابهًا لطالبان من حيث العلاقات مع الغرب، فإن البعض يعتقد أن هيئة تحرير الشام وزعيمها قد أحدثوا تغييرات جذرية في مواقفهم، بما في ذلك تحسين العلاقات مع بعض القوى الدولية. لكن هذا التحول قد يثير قلقًا أكبر بشأن تأثيره على الوضع الأمني في سوريا والمنطقة المحيطة بها.
أما السؤال الأبرز الذي طرحته الصحيفة فهو عن مصير عشرات الآلاف من المسلحين الذين يقاتلون في سوريا ويعودون إلى أوروبا بعد انهيار النظام السوري. يذكر التقرير أنه في الفترة بين عامي 2014 و2015، شهدت سوريا توسعًا دراماتيكيًا لتنظيم داعش في مناطق متعددة، وهو ما حفز العديد من المتطرفين من أوروبا الغربية للانضمام إلى صفوف التنظيم والعمل ضمن خلاياه في سوريا. وتؤكد الصحيفة أن هناك العديد من المعتقلين من أتباع داعش من دول أوروبية لا يزالون محتجزين لدى قوات الدفاع الكردية في سوريا، ما يشير إلى أن الوضع الراهن، والقتال المستمر بين الفصائل في سوريا، قد يساهم في فرار هؤلاء المتشددين إلى دولهم الأصلية في أوروبا.
وفي سياق متصل، حذرت الصحيفة من أن العديد من المقاتلين المتطرفين الذين نشطوا في سوريا قد يكونون على استعداد للعودة إلى أوروبا لتهديد أمن الدول الغربية وتنفيذ عمليات إرهابية، وهو ما قد يعيد إحياء نشاط التنظيمات الإرهابية في أوروبا. ورغم أن الدول مثل فرنسا وبلجيكا والدنمارك قد أرسلت أعدادًا أكبر من المقاتلين إلى سوريا مقارنة بالمملكة المتحدة، فإن عودة هؤلاء المتشددين إلى أوروبا لا تعني أن المشكلة ستظل محلية، بل قد تتوسع لتصبح تهديدًا أمنيًا على مستوى القارة بأكملها.
وأكد التقرير أن التحدي الأكبر يكمن في التأثيرات المستقبلية لهذه العودة المحتملة على الأمن في أوروبا، حيث لا تقتصر التهديدات على مجرد إلقاء القبض على المقاتلين السابقين، بل تمتد لتشمل المخاطر الأمنية الأكبر المترتبة على قدرتهم على تنفيذ هجمات في أي وقت، وذلك في ظل التوترات السياسية والأمنية المتزايدة في الشرق الأوسط وأوروبا.