مستقبل الجيش السوري بعد سقوط النظام.. بين إعادة التكوين وحلول معقدة
تتجه الأنظار نحو مستقبل سوريا، وسط تساؤلات حول كيفية التعامل مع الأجهزة الأمنية والجيش السوري في المرحلة المقبلة، بعد انهيار النظام الحاكم. هذا يثير تساؤلات حيوية عن إمكانية حل الجيش السوري، على غرار ما حدث مع الجيش العراقي في 2003 عندما قرر الحاكم المدني الأمريكي، بول بريمر، حل الجيش العراقي، مما أسفر عن فراغ أمني واسع أدى إلى فوضى طائفية وسياسية في البلاد.
الجيش السوري وتاريخه: تأسس الجيش السوري في الأول من أغسطس 1946 بعد جلاء القوات الفرنسية، ليصبح القوة العسكرية الرسمية للدولة السورية. ومنذ ذلك الحين، لعب الجيش دورًا محوريًا في السياسة والصراعات العسكرية في سوريا، حيث ظل جزءًا أساسيًا في سيطرة النظام على السلطة، ليصبح أداة قمعية في يد الحكم الاستبدادي على مدار عقود.
إعادة تكوين الجيش السوري: يحيى العريضي، القيادي في قوى "الثورة والمعارضة السورية"، أكد على ضرورة إعادة تشكيل الجيش السوري ليصبح قوة وطنية حقيقية تحمي الشعب والوطن بعيدًا عن حماية النظام الحاكم. وأشار إلى أن إعادة بناء الجيش تتطلب تغييرًا شاملًا في قيادته وتركيبته، بالإضافة إلى محاسبة المسؤولين الذين حولوه إلى أداة قمعية ضد الشعب.
حل الجيش العراقي: خطوة حل الجيش العراقي من قبل بول بريمر عام 2003 كانت مثار جدل واسع في العراق، حيث نتج عنها فراغ أمني شديد أسهم في تفشي الفوضى والانقسام السياسي والطائفي. هذه الخطوة أثارت قلقًا بشأن إمكانية أن تتسبب خطوة مماثلة في سوريا في تداعيات مشابهة على الاستقرار.
موقف المعارضة من الجيش السوري: في مقابل الدعوات بحل الجيش السوري، أكد هشام مروة، عضو الائتلاف الوطني السوري، أن "حل الجيش غير وارد"، حيث كانت الأولوية دائمًا هي إعادة بناء الجيش السوري بشكل يضمن أن يكون جيشًا وطنيًا يحمي السيادة والحدود، دون أن يكون أداة سياسية تخدم أحزابًا معينة. وأوضح أن المعارضة السورية تسعى إلى دمج الضباط المنشقين والجنود الذين لم يتورطوا في الجرائم ضمن جيش جديد، مع تغيير العقيدة القتالية للجيش لتصبح أكثر وطنية.
هيكلة الأجهزة الأمنية: أما ياسر فرحان، القيادي في المعارضة، فقد أشار إلى أن المرحلة الانتقالية في سوريا تستلزم إعادة هيكلة أجهزة الدولة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية التي ارتبطت بانتهاكات حقوق الإنسان. وأوضح أن بناء مؤسسات جديدة تحترم حقوق الإنسان وتبتعد عن ممارسات مثل التعذيب والاعتقال القسري سيكون هدفًا أساسيًا خلال هذه المرحلة.
في الوقت الذي يسعى فيه السوريون لتجاوز التحديات التي خلفها النظام السابق، يظهر أن بناء جيش وطني يتسم بالكفاءة والمهنية ويعكس رغبة الشعب في الدفاع عن سيادته يمثل أولوية أساسية. الفترات الانتقالية قد تحمل تحديات جسيمة، إلا أن الاستفادة من التجارب السابقة مثل تلك التي حدثت في العراق قد تساعد في تجنب الوقوع في نفس الأخطاء، وضمان بناء سوريا آمنة ومستقرة.