مستقبل الوجود الروسي في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
تسود حالة من الغموض حول مستقبل الوجود الروسي في سوريا بعد تراجع نفوذ النظام السوري، وتحديدًا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وهو ما يطرح تساؤلات بشأن خطط موسكو للمرحلة المقبلة في منطقة الشرق الأوسط.
في تصريحات له، أكد ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية، أن العسكريين الروس في سوريا يواصلون تنفيذ مهامهم لضمان أمن القواعد العسكرية الروسية في البلاد، مشيرًا إلى أن موسكو تملك قاعدتين عسكريتين في سوريا. وفيما يتعلق بمستقبل الوجود العسكري الروسي، قال بيسكوف إنه من السابق لأوانه التنبؤ بذلك، حيث سيتعين مناقشة هذا الأمر مع من سيتولى السلطة في دمشق.
من جانبه، نقلت وكالة "تاس" الروسية عن مصدر في الكرملين أن الفصائل السورية المعارضة قد قدمت ضمانات أمنية لموسكو بعدم التعرض للقواعد العسكرية الروسية، مؤكدة أن المسؤولين الروس في تواصل مستمر مع ممثلي تلك الفصائل. وأوضح المصدر أن قادة الفصائل المسلحة تكفلوا بحماية القواعد العسكرية الروسية في سوريا، مشددًا على أن موسكو تؤمن دائمًا بضرورة التوصل إلى "التسوية السياسية" للأزمة السورية، مؤكدة تمسكها بالمحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة.
لكن الخبراء يرون أن صعوبة تحديد خطط موسكو المستقبلية تترافق مع ملاحظات حول أهمية الوجود الروسي في سوريا. الدكتور سمير أيوب، المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الروسية، أكد أن روسيا لن تتخلى بسهولة عن سوريا، خصوصًا في ظل المصالح العسكرية والاقتصادية المستمرة بين البلدين. وأضاف أيوب أن موسكو تدرك أن بقاء وجودها في سوريا يعتبر مفتاحًا مهمًا في استراتيجيتها الإقليمية، لا سيما في ظل التوترات الجيوسياسية في المنطقة، مثل احتلال الأراضي السورية من قبل إسرائيل.
أيوب أشار أيضًا إلى أن سوريا تواجه خطر الاحتلال والتحديات الداخلية، خاصة في ظل تصاعد الوجود الإسرائيلي في بعض المناطق السورية، مما يعزز من حاجة دمشق لدعم موسكو في الساحة الدولية وفي مجلس الأمن. وأكد أن روسيا ستظل عنصرًا مهمًا في الحفاظ على استقرار سوريا، في ظل الصراع المستمر على الأراضي السورية.
وفي المقابل، يعتقد المحلل السياسي بسام البني أن التغيرات الأخيرة في سوريا قد تفضي إلى إعادة تقييم روسيا لمواقفها، خاصة بعد فقدانها لأهم حليف في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. واعتبر البني أن روسيا قد تكون قد تخلت عن الأسد، بدليل عدم مشاركتها الفاعلة في معركة حلب ضد المعارضة المسلحة، وهو ما يشير إلى احتمال تغير السياسة الروسية تجاه النظام السوري. كما لاحظ البني أن تصريحات أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام، برفع أعلام الثورة بدلاً من الأعلام السوداء، قد تشير إلى أن سوريا قد تسعى للحفاظ على الدولة بدلًا من النظام، مما قد يؤثر على السياسة الروسية في المستقبل.
وبينما تشهد الساحة السورية هذه التغيرات، يبقى من غير المؤكد شكل العلاقة المستقبلية بين روسيا والنظام السوري، لكن المؤكد أن موسكو لن تتخلى عن وجودها العسكري في سوريا بسهولة، حيث تظل مصالحها الاستراتيجية في المنطقة مرتبطة بشكل وثيق بمستقبل هذا الوجود.