الناتو تحت قيادة مارك روته.. تحول استراتيجي لمواجهة تهديدات غير تقليدية
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية اليوم الأحد أن مارك روته، الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، يسعى إلى تغيير سياسات الحلف لمواجهة تحديات أمنية غير تقليدية، وذلك تماشيًا مع التطورات الراهنة. وتسعى استراتيجيات الناتو، التي كانت تركز في الأصل على مواجهة الحروب التقليدية ضد روسيا وحلفائها، إلى التكيف مع أنواع جديدة من الهجمات تشمل التخريب، والقرصنة، والهجمات الإرهابية، التي تصاعدت في الولايات المتحدة وأوروبا.
وأوضحت الصحيفة في مقال تحليلي نقلًا عن مسئولين أمنيين غربيين، أن هذه الأنواع من الهجمات تزداد بشكل ملحوظ، ورغم أن المسؤولين يتهمون دولًا مثل روسيا والصين وإيران بالوقوف وراء العديد منها، إلا أن إلقاء اللوم بشكل مباشر على هذه الجهات يظل أمرًا صعبًا، مما يزيد من تعقيد الردود المناسبة.
وفي تصريح لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أكد مارك روته أن الناتو بحاجة لتعزيز التعاون بين أعضائه، استعدادًا لسيناريوهات الهجمات منخفضة المستوى التي قد تتحول إلى أعمال عدائية، وهو ما قد يتطلب تدخلًا عسكريًا. وأشار روته إلى أن روسيا تمثل التهديد الأكثر إلحاحًا، حيث تستخدم الهجمات الهجينة في إطار ردها على الدعم الغربي لأوكرانيا.
وأضاف روته أنه "يجب على الناتو التأكد من وجود الردع المطلوب لمنع روسيا من تصعيد الأوضاع"، مشيرًا إلى أن الحلف يعمل على تعزيز التعاون الاستخباراتي، وزيادة التدريبات المشتركة، وتحسين الدفاعات السيبرانية وحماية البنية التحتية الحيوية. وأكد أن الناتو يخطط لتقديم استراتيجيات جديدة في الاجتماعات السنوية المقبلة للحلف في لاهاي.
كما أشار روته إلى أن الدول الأعضاء تتحمل المسؤولية الأساسية عن الاستجابة للهجمات على المستوى الوطني، لكن الناتو يمكن أن يكون له دور حاسم في دعم هذه الدول من خلال تجميع المعلومات وتبادل الخبرات. وقال: "نحن نعمل جاهدين لضمان تبادل المعلومات الاستخباراتية بين أعضاء الحلف".
من جهة أخرى، ذكر ميخال كوديلكا، مدير خدمة معلومات الأمن في جمهورية التشيك، أن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين أعضاء الحلف كان يواجه صعوبات بسبب السرية وعدم الثقة في السابق، لكن الوضع تحسن بشكل كبير بعد بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وفي سياق آخر، أطلق الناتو في مايو الماضي مركزًا بحريًا لأمن البنية التحتية الحيوية تحت الماء بالقرب من لندن، كما وافق الحلف في يوليو على إنشاء مركز للدفاع السيبراني لمكافحة التهديدات المتزايدة. المركز الجديد، الذي سيقع في بلجيكا، يهدف إلى جمع الخبراء العسكريين والمدنيين والصناعيين للتصدي للتهديدات السيبرانية.
وفيما يخص تهديدات الصين، أفادت الصحيفة بأن السلطات الأمريكية اتهمت الصين بتثبيت برامج ضارة في البنية التحتية الأمريكية، بما في ذلك شبكات الطاقة والموانئ، بالإضافة إلى اختراق شبكات الهاتف المحمول والمرافق الأمريكية.
وقال روته، الذي شغل منصب رئيس وزراء هولندا لمدة 14 عامًا قبل أن يصبح الأمين العام للناتو في أكتوبر الماضي، إنه مع مرور الوقت أصبحت الدول الغربية أكثر وعيًا بالتهديدات غير التقليدية التي قد تكون موجهة ضدها، وأن الدفاع الجماعي يتطلب الآن مواجهة الهجمات الهجينة بشكل أكثر تنظيمًا وفعالية.
وفي هذا السياق، أشار إريك جرين، المستشار الكبير السابق للرئيس الأمريكي جو بايدن في مجلس الأمن القومي، إلى أن روسيا كانت قد بدأت منذ أكثر من عقد في استخدام القرصنة والتأثير على خصومها، لكن جهودها وصلت إلى ذروتها بعد غزوها لأوكرانيا في عام 2022.