عفو بايدن عن نجله هانتر.. تحدي للعدالة أم حماية سياسية؟
عمّق قرار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، جو بايدن، العفو عن نجله هانتر التشابك بين السياسة وسيادة القانون، مما أثر بشكل كبير على ثقة الأمريكيين في العدالة. القرار الذي أصدره بايدن قبل أسابيع من مغادرته البيت الأبيض شكل مفاجأة بعد تعهداته السابقة بعدم التدخل في قضايا نجله، الذي يواجه اتهامات في قضية حيازة سلاح وجرائم ضريبية.
وبينما استخدم بايدن سلطته الرئاسية لتبرئة هانتر من هذه القضايا قبل صدور الأحكام، اعتبرت الخطوة بمثابة تشويه لسمعة نظام العدالة في الولايات المتحدة الذي يعتمد على مبدأ المساواة أمام القانون. القرار يثير تساؤلات حول قدرة السلطة التنفيذية على التأثير في القضاء وكيفية تأثير ذلك على القيم الأساسية للنظام القانوني الأمريكي.
وكان بايدن قد تعهد عند توليه المنصب بإعادة استقلال وزارة العدل، وأكد مرارًا أنه لن يتدخل في قضايا نجله. لكن مع تزايد الضغوط السياسية بعد فوز ترامب في الانتخابات الشهر الماضي، بدا أن بايدن قد غيّر موقفه، مما يزيد التكهنات حول نواياه وتأثير القرار على إرثه السياسي.
سياسيًا، قد يُنظر إلى هذا القرار على أنه وصمة في تاريخ رئاسة بايدن، وهو يعزز من موقف الحزب الجمهوري في الهجوم على الديمقراطيين، خاصةً في وقت يشهد فيه ترامب محاكمات في قضايا عدة. كما أشار الجمهوريون إلى أن هذا العفو يظهر تسييسًا لوزارة العدل لصالح عائلة الرئيس، مما يثير مزاعم مماثلة لتلك التي أطلقها ترامب في فترات سابقة.
على الرغم من أن التحقيقات لم تكشف عن أي مخالفات مباشرة ارتكبها بايدن، إلا أن القرار قد يساهم في تأجيج الجدل حول الفساد السياسي، إذ يربط البعض بين العفو عن هانتر واتهامات ضد إدارة ترامب. يذكر أن هانتر كان قد أدين في يونيو 2023 بشراء وحيازة سلاح بشكل غير قانوني في وقت كان يعاني فيه من إدمان المخدرات، كما أقر في سبتمبر بالذنب في قضايا ضريبية.
في البيان الذي أعلن فيه عن العفو، أكد بايدن أنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هانتر قد تم استهدافه إلا لأنه ابنه، مشيرًا إلى الملاحقات القضائية المستمرة ضده في ظل الهجمات المتواصلة التي تعرض لها. كما وجه انتقادات لمستشار خاص وصفه بأنه كان جزءًا من حملة "الملاحقة الانتقائية" ضد نجله.
القرار يعكس تحولات في المواقف السياسية للرئيس المنتهية ولايته ويقدم فرصة لحلفاء ترامب لاستغلاله ضد بايدن، مما يعزز جدلاً كبيرًا حول تدخل السلطة التنفيذية في قضايا قانونية حساسة. وفيما يواجه بايدن الانتقادات، يتساءل المراقبون إن كان هذا القرار سيؤدي إلى تداعيات أخرى قد تشمل التحقيقات ضد ترامب أو حتى محاولات لملاحقة بعض المدعين العامين الذين عملوا على قضايا ضده.
وأخيرًا، رغم عدم وجود دليل على مخالفات مباشرة من قبل بايدن، يعزز هذا القرار من الانقسام السياسي في الولايات المتحدة، حيث يراه البعض محاولة لحماية عائلة الرئيس من المساءلة القضائية.