الناتو يسعى لتجميد الصراع الأوكراني.. خطة لحفظ السلام أو تصعيد جديد؟
مع اقتراب الحرب الروسية الأوكرانية من عامها الثالث، يستمر المشهد العسكري والسياسي في التعقيد، حيث تواصل الأطراف المتحاربة تحركاتها الحاسمة على الأرض في ظل الدعم الغربي الكبير لأوكرانيا. رغم دعم الولايات المتحدة وبريطانيا غير المسبوق لكييف، بما في ذلك السماح باستخدام الأسلحة والصواريخ لضرب العمق الروسي، لا يبدو أن الصراع سينتهي قريبًا.
في خطوة مفاجئة، أفادت تقارير عن نية حلف شمال الأطلسي (الناتو) تجميد الصراع الأوكراني مؤقتًا، في محاولة لتوفير الفرصة للقوات الأوكرانية لإعادة بناء قوتها العسكرية. ويُخطط الحلف لنشر وحدة "حفظ السلام" مكونة من حوالي 100 ألف جندي غربي في أوكرانيا وعلى الحدود الروسية. هذه الخطوة، بحسب جهاز الاستخبارات الروسية، تمثل "احتلالًا فعليًا" للأراضي الأوكرانية من قبل الدول الغربية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
في هذا السياق، علّق دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، مؤكدًا أن نشر هذه القوات لن يكون ممكنًا إلا بموافقة جميع أطراف الصراع، بما في ذلك روسيا وأوكرانيا. في الوقت ذاته، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أنه من الممكن إرسال قوات ألمانية إلى أوكرانيا في حال تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، مما يفتح الباب أمام تدخلات أوروبية مباشرة.
التحركات العسكرية الأوروبية: تعزيز القدرات الأوكرانية
في خطوة أخرى، أكملت فرنسا تدريب لواء أوكراني جديد مكون من 4500 جندي في إطار "قوة المهام شمبانيا"، التي تم تدريبها على استخدام الأسلحة المتقدمة والتنسيق في ساحة المعركة. هذه التحركات تأتي ضمن استراتيجية أوروبية لتعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا في مواجهة الجيش الروسي، خاصة مع استمرار تصاعد القتال في مناطق عدة داخل أوكرانيا.
تجميد الصراع: هل هو حل واقعي؟
يُعتبر تجميد الصراع خيارًا واردًا، لكن الواقع الميداني لا يزال بعيدًا عن هذا الحل. في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، أشار ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إلى أن تجميد الصراع يتطلب أولًا الضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لوقف الهجمات الصاروخية على الأراضي الروسية، إضافة إلى الضغط على موسكو من أجل وقف تصعيدها العسكري. واعتبر بريجع أن هذا الخيار قد يصبح أكثر احتمالًا في حال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، حيث يُتوقع أن يخفف ترامب من الدعم الغربي لأوكرانيا ويطرح فرض منطقة عازلة بين روسيا وأوكرانيا.
من جانب آخر، أكد رامي القليوبي، أستاذ زائر في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، أن تجميد الصراع مرهون بقرار سياسي مشترك من روسيا ومن الدول الغربية، وتحديدًا الولايات المتحدة. وأضاف القليوبي أن الأسابيع الأولى من تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة قد تشهد تحولًا نحو تجميد الصراع، خاصة إذا قرر تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا.
الناتو وروسيا: احتمالات التصعيد العسكري
في المقابل، استبعد المحلل السياسي تيمور دويدار، حدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين الناتو وروسيا. وقال إن تدخل الناتو في الحراك العسكري ضد روسيا قد يؤدي إلى تصعيد كبير، بما في ذلك إمكانية تبادل الضربات النووية، وهو ما يراه سيناريو مستبعدًا. وأوضح دويدار أن تفوق الناتو التقليدي على روسيا قد يدفع موسكو للجوء إلى الأسلحة النووية في حالة التصعيد، ما يزيد من تعقيد الموقف العسكري. وبالتالي، فإن خيار تجميد الصراع يظل الأكثر مرجحية، شريطة فرض سياسة الأمر الواقع على جميع الأطراف المعنية.
مع استمرار القتال الدامي في أوكرانيا، تبقى العيون مشدودة على تحركات الناتو والاتحاد الأوروبي، وما إذا كانت الخطوات العسكرية والدبلوماسية ستحقق تهدئة أو تؤدي إلى تصعيد إضافي. يبدو أن تجميد الصراع يبقى خيارًا صعبًا في ظل التصعيد المستمر وتحديات الضغط على الأطراف المعنية.