بارنييه أمام معركة حاسم.. حكومة فرنسا بين التحديات البرلمانية وتهديدات حجب الثقة
تواجه حكومة رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه أزمة سياسية حادة في ظل استعدادها لأسبوع حاسم يتعلق بمشروع ميزانية 2025 وقانون تمويل الضمان الاجتماعي، وسط معارضة شديدة في البرلمان. بحسب تقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن حكومة بارنييه، التي تحظى بدعم 36% فقط من الجمعية الوطنية، تجد نفسها أمام تحدٍ كبير لضمان موافقة البرلمان على مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي (PLFSS) بحلول 2 ديسمبر الجاري. على الرغم من التوصل إلى تسوية مع مجلس الشيوخ، إلا أن تمرير المشروع لا يزال مرهونًا بموافقة الجمعية الوطنية وسط تصاعد التوترات السياسية داخل البرلمان.
وأكّد رئيس الحكومة ميشيل بارنييه أنه من المرجح أن يلجأ إلى المادة 49.3 من الدستور الفرنسي، وهي آلية تتيح للحكومة تمرير المشروع دون تصويت البرلمان. هذا الخيار قد يؤدي إلى زيادة التوترات السياسية، خاصة مع تهديد حزب التجمع الوطني (RN) بقيادة مارين لوبان بتقديم اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة في حال مضت في اتخاذ هذه الخطوة. وقال عضو حزب التجمع الوطني جوردان بارديلّا إنه في حال عدم تقديم تعديلات في اللحظات الأخيرة، سيقوم الحزب بحجب الثقة عن الحكومة.
من جانبها، عبرت مارين لوبان عن إحباطها من أداء الحكومة، متهمة إياها بـ"إنهاء النقاش" دون تقديم تنازلات كافية للمطالبة بتعديلات جوهرية. في الوقت نفسه، أكد التقرير أن الحكومة أجرت بعض التعديلات في مشروع القانون، مثل تقليص الزيادة المقترحة في ضريبة الكهرباء وتعديل بعض بنود الرعاية الصحية، إلا أن هذه التعديلات لم تقنع المعارضين.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة، رغم مساعيها للتواصل مع الأحزاب اليسارية، لم تحقق أي اختراق في حل الأزمة. فالحزب الاشتراكي يشعر بتجاهل الحكومة لمقترحاته الخاصة بالتعديلات المالية التي طرحها، بينما يتزايد الاستياء داخل الحكومة نفسها. وأعرب بعض أعضاء ائتلاف بارنييه عن قلقهم من غياب القيادة الواضحة والتراجع المستمر للحكومة، حيث تساءلوا عن السبب وراء تقديم تنازلات في اللحظات الأخيرة. وقال فريديريك فاليطو، رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية: "بعد شهرين من تقديم المشروع، ما زلنا نتراجع".
وأضاف التقرير أن الإجراءات البرلمانية كانت فوضوية، حيث غاب النقاش الجاد مع تزايد عدد النواب الجدد الذين لم يتقنوا بعد كيفية التعامل مع هذه القضايا. وبرزت المناورات الحزبية، خاصة مع تزايد الحديث عن اللجوء إلى المادة 49.3، التي تمنح الحكومة سلطة اتخاذ القرار بمفردها.
ومع اقتراب موعد الحسم، يواجه ميشيل بارنييه أسبوعًا صعبًا، حيث يبقى من غير المؤكد ما إذا كانت الحكومة ستتمكن من تجاوز الأزمة السياسية وتأمين الأصوات اللازمة لتمرير المشروع. ويزداد احتمال تقديم اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة من قبل المعارضة، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير على استقرار حكومة بارنييه. وتعد نتائج مناقشات الميزانية في الأسبوع الجاري اختبارًا حاسمًا لمدى قدرة الحكومة على المضي قدمًا في خطتها الاقتصادية وتأمين استقرارها السياسي.