النيجر بين المصالحة والتمرد.. استسلام المقاتلين وتحالفات جديدة لإعادة الرئيس المخلوع
تواصلت عملية المصالحة الوطنية في النيجر مع استسلام نحو عشرة مقاتلين من "الجبهة الوطنية لتحرير النيجر" المتمردة، التي كانت تدعو إلى إطلاق سراح الرئيس المخلوع محمد بازوم، وذلك في خطوة لفتح باب الحوار بين السلطات الانتقالية في النيجر والمجموعة المتمردة. وقامت هذه المجموعة بتسليم أسلحتها في احتفال رسمي في ولاية شمال النيجر، حيث حضر الحدث عدد من الشخصيات العسكرية.
تعتبر هذه الخطوة جزءًا من عملية المصالحة التي بدأتها السلطات النيجرية، والتي تهدف إلى إنهاء حالة التمرد في البلاد وتحقيق الاستقرار. ومن خلال هذه العملية، يتم تشجيع المجموعات المسلحة على الاستسلام واغتنام فرصة العودة إلى الحياة المدنية. وفي هذه المناسبة، قام المقاتلون المستسلمون بإلقاء أسلحتهم وذخائ
بدأت عملية الاستسلام هذه في بداية شهر نوفمبر من العام 2024، بعد مفاوضات سرية قادها شخصيات محلية مؤثرة. وتعود جذور "الجبهة الوطنية لتحرير النيجر" إلى التمردات التي شهدتها البلاد ضد الرئيسين السابقين محمد إيسوفو ومحمد بازوم. ومن بين هؤلاء المقاتلين الذين سلموا أسلحتهم كان المتحدث الرسمي باسم المجموعة، إدريسا ماداكي، الذي أعرب عن أسفه نيابة عن مجموعته وطلب العفو من الرئيس الانتقالي عبد الرحمن تياني وحكومة النيجر والشعب النيجري عن الأفعال التي قد تكون ارتكبتها الحركة.
التهم الموجهة لقادة الحركة
ومن ناحية أخرى، تم تجريد محمود صلاح، زعيم الحركة، مؤقتًا من جنسيته إلى جانب سبع شخصيات أخرى من نظام الرئيس المخلوع محمد بازوم. هؤلاء الأشخاص متهَمون بارتكاب مجموعة من الجرائم، من بينها الهجمات المتطرفة والتحالف مع قوة أجنبية. وكان محمود صلاح قد أعلن مسؤوليته عن عدة هجمات على الجيش في شمال النيجر، وكذلك عن تخريب خط أنابيب للنفط في يونيو/ حزيران من العام الماضي، مما أدى إلى تعطيل العمليات في القطاع النفطي بشكل كبير.
كما أكد إدريسا ماداكي أن الجبهة الوطنية لتحرير النيجر كانت مسؤولة عن تنفيذ عدة هجمات في شمال البلاد، بما في ذلك هجوم على قافلة من المنقبين عن الذهب يرافقها جنود في منطقة تشيباراكاتن، حيث تم خلالها سرقة كمية كبيرة من الذهب. وأضاف أن المجموعة تلقت دعمًا ماليًا وماديًا من دول مجاورة للنيجر.
الاستعداد لإستراتيجية وطنية لنزع السلاح وإعادة الإدماج
في خطوة لتسوية الأزمة، تستعد النيجر للمصادقة على إستراتيجية وطنية تهدف إلى نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين، إضافة إلى تقديم الرعاية لهم. وهذه الإستراتيجية تمثل جزءًا من الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في البلاد بعد سنوات من التمردات والنزاع المسلح.
تحالف جديد لإطلاق سراح بازوم
في تطور آخر، أفادت صحيفة "نيجر إنتر" المحلية بأن الرئيس المخلوع محمد بازوم أصبح يُعتبر الآن جزءًا من التنظيمات المسلحة التي تسعى إلى زعزعة استقرار النيجر. الصحيفة أشارت إلى أن عدة جماعات مسلحة قد أعلنت في الأسابيع الماضية عن تشكيل تحالف جديد يهدف إلى إطلاق سراح الرئيس المخلوع محمد بازوم، الذي تم الإطاحة به في انقلاب عسكري في 26 يوليو/ تموز 2023، وما زال محتجزًا من قبل السلطات العسكرية التي أطاحت به.
هذا التحالف الذي تم تشكيله يضم مجموعات مثل "الجبهة الوطنية لتحرير النيجر" و"القوات المسلحة الحرة" و"حركة العدالة"، وهي جماعات مسلحة تعمل تحت دعم وتوجيه خارجي. ووفقًا للتقارير، فإن فرنسا تعد إحدى القوى الأجنبية التي تقف وراء دعم هذا التحالف. يشتبه في أن ريسا أغ بولا، المستشار الأمني السابق لمحمد بازوم، هو الذي يقود هذا التحالف، وهو الآن مقيم في فرنسا بعدما حصل على اللجوء السياسي هناك. ويُعتقد أن هذا الوضع يسهل التنسيق مع الجهات الفرنسية التي تدعم هذه المجموعات المسلحة.
دور فرنسا في النزاع
الصحيفة أوضحت أن فرنسا تلعب دورًا أساسيًا في الصراع النيجرى، من خلال تقديم الدعم الاستخباراتي والعسكري للجماعات المسلحة التي تستهدف مصالح النيجر. وتعتبر فرنسا متورطة بشكل غير مباشر في هذا الصراع، حيث تسعى إلى زعزعة استقرار النيجر لدعم مصالحها في المنطقة، لا سيما في مجال الطاقة والأمن.
الشائعات حول دور الرئيس المخلوع بازوم في هذا السياق تشير إلى أنه قد يُستخدم كوسيلة ضغط من قبل قوى خارجية، بما في ذلك فرنسا، التي لم تتقبل الهزيمة التي تعرضت لها في النيجر نتيجة الانقلاب العسكري. تتداخل الأجندات الفرنسية مع أهداف هذه الجماعات المسلحة، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع في النيجر ويؤثر على جهود السلام في البلاد.