اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

فرنسا على مفترق الطرق.. ماكرون بين تضامنات متضاربة في أزمة لبنان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

بينما يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لاستضافة مؤتمر دولي حول أزمة لبنان، يتصاعد الجدل حول نهجه المتعرج في التعامل مع الصراع، مما يدفع البعض للتشكيك في فعاليته كوسيط في هذه الأزمة المعقدة.

توترات داخلية حول السياسة الفرنسية


قال دبلوماسي فرنسي سابق إن هناك انقسامًا واضحًا داخل الدائرة المحيطة بماكرون، حيث يوجد مسؤولون يدعمون إسرائيل وآخرون يؤيدون الفلسطينيين. هذه الانقسامات تعكس عدم وضوح السياسة الفرنسية تجاه الصراع، مما يجعل موقف ماكرون يبدو غير ثابت في كثير من الأحيان. وبحسب المصدر، فإن ماكرون غالبًا ما يتبنى آراء آخر من يتحدث إليهم، مما يُظهر عدم استقرار في التفكير حول القضايا المعقدة في المنطقة.

التاريخ المعقد للعلاقات الفرنسية الإسرائيلية
تعود العلاقات الفرنسية الإسرائيلية إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي فترة شهدت تقسيم الشرق الأوسط بين القوى الاستعمارية. ينظم ماكرون مؤتمر "دعم لبنان" يوم الخميس المقبل، في وقت حساس حيث تشهد المنطقة تصاعدًا في التوترات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله. من اللافت أن المؤتمر لن يشهد مشاركة كل من إسرائيل وإيران، مما يقلل من فرص تحقيق تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار، رغم أن المؤتمر قد يُثمر عن مبادرات على صعيد المساعدات الإنسانية.

ردود فعل متباينة على التصريحات
كان رد ماكرون الأولي على الهجوم الإسرائيلي في 7 أكتوبر هو إظهار "تضامن غير متحفظ" مع إسرائيل، حتى أنه اقترح تشكيل تحالف لمحاربة حماس، وهي فكرة تم رفضها عالميًا. ولكن مع تزايد عدد الضحايا في غزة، بدأ ماكرون في توجيه انتقادات أكثر حدة لإسرائيل، رغم أن هذه الانتقادات لم تكن دائمًا متسقة. في الأسابيع الأخيرة، اشتد موقفه ضد إسرائيل، حيث تبادل الانتقادات اللاذعة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب الخسائر في صفوف المدنيين. كما دعا ماكرون الدول الغربية إلى وقف تسليم الأسلحة إلى إسرائيل، لكن عندما رد نتنياهو على تصريحاته، سارع ماكرون إلى توضيح موقفه مجددًا، مؤكدًا على دعم فرنسا "الثابت" لأمن إسرائيل.

الصراع الداخلي وتأثيره على السياسة
تظهر هذه التذبذبات الانقسامات الداخلية في وزارة الخارجية الفرنسية، بين التيار الذي يميل لدعم القضية الفلسطينية والتيار المعروف باسم "المحافظين الجدد" الذي يدعو لدعم إسرائيل. تاريخيًا، كانت فرنسا تُعتبر داعمًا للقضية الفلسطينية، خاصة خلال فترة الرئيس السابق جاك شيراك، ولكن في السنوات الأخيرة، تحول التركيز نحو موقف أكثر تأييدًا لإسرائيل، لا سيما في ظل النزاعات المتزايدة في المنطقة.

تتزايد الضغوط على ماكرون للتوصل إلى سياسة خارجية متماسكة تجاه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، خاصة في ظل التصاعد الحالي للتوترات الإقليمية. هذه التحديات قد تؤثر بشكل كبير على نفوذ فرنسا في المنطقة، مما يجعل المؤتمر المزمع خطوة حاسمة في تحديد مستقبل الدور الفرنسي كوسيط في الأزمات المتصاعدة.