ماكرون يعيد رسم خريطة النفوذ الفرنسي في أفريقيا عبر بوابة جيبوتي وإثيوبيا
يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الحفاظ على النفوذ العسكري لبلاده في القارة الأفريقية من خلال تعزيز وجوده في دول القرن الأفريقي، مثل جيبوتي وإثيوبيا، بعد أن تعرضت مواقع فرنسا في غرب أفريقيا لانتكاسات متتالية. ورغم تراجع تأثير باريس في بعض المناطق، تبرز جيبوتي كأحد الحلفاء الاستراتيجيين لفرنسا في ظل موقعها الجيوسياسي المميز واحتضانها لقاعدة عسكرية فرنسية هامة.
تأتي زيارة ماكرون الرسمية إلى جيبوتي يومي الجمعة والسبت، والتي تلتها زيارة إلى إثيوبيا، في إطار محاولات فرنسا إعادة ترتيب أولوياتها العسكرية في القارة بعد انسحابها القسري من منطقة الساحل، إثر تصاعد مشاعر الرفض ضد وجودها في بعض البلدان. وتعتبر جيبوتي، التي تقع عند مفترق طرق جيوسياسي في القرن الأفريقي، أحد النقاط الاستراتيجية الهامة لفرنسا، حيث تضم قاعدة جوية فرنسية رئيسية.
وفي خطوة تعكس التحولات الاستراتيجية، تفكر فرنسا في إعادة نشر جزء من قواتها التي كانت متمركزة في تشاد إلى جيبوتي وإثيوبيا. ومع هذه الخطوة، تلوح في الأفق "هدية عيد الميلاد" المثيرة للجدل، التي قد تشمل تقليصًا كبيرًا في رواتب الجنود الفرنسيين، على الرغم من الزيادة المرتقبة في عدد الجنود في القاعدة الفرنسية في جيبوتي.
أثناء زيارته لجيبوتي، أعلن ماكرون أن القاعدة الفرنسية هناك ستتحول إلى "نقطة انطلاق" للمهام العسكرية الفرنسية في أفريقيا. وقال ماكرون للجنود الفرنسيين في قاعدة 188 الجوية، التي تستضيف 1500 جندي، إنهم يتمتعون بتأثير كبير في المنطقة. كما أشار إلى أن دور فرنسا في أفريقيا يتغير، مؤكدًا أن هذا التحول يعكس التغيرات التي تشهدها القارة والعالم بشكل عام.
وفيما يتعلق بتطورات أخرى في المنطقة، أُجبرت فرنسا على سحب قواتها من مالي والنيجر بين عامي 2022 و2023 بعد وصول الأنظمة العسكرية إلى السلطة في هاتين الدولتين وتوجهها نحو روسيا. في نفس السياق، أعلن الجيش التشادي في 20 ديسمبر 2023 عن بدء انسحاب أول دفعة من الجنود الفرنسيين من البلاد، بعد أن قررت تشاد إنهاء اتفاقها الأمني مع فرنسا.
كما انضمت السنغال إلى قائمة الدول التي أعربت عن رغبتها في إنهاء التعاون العسكري مع فرنسا، حيث أكد الرئيس السنغالي على ضرورة احترام السيادة الوطنية وعدم وجود قواعد عسكرية أجنبية على أراضي بلاده.
تعد هذه التطورات بمثابة ضربة قوية لاستراتيجية ماكرون في أفريقيا، حيث يواجه تحديات متزايدة من بعض دول القارة التي تسعى إلى استعادة سيادتها الكاملة وتغيير علاقاتها العسكرية. ومع ذلك، تواصل فرنسا تعزيز وجودها في جيبوتي وإثيوبيا، التي أصبحتا محط اهتمام باريس في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة.