تشاد تضع حداً لعقود من التعاون العسكري مع فرنسا.. بداية فصل جديد في العلاقات الأفريقية
في خطوة مفاجئة، قررت جمهورية تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري والدفاع مع فرنسا، في خطوة وصفها الرئيس التشادي محمد ديبي بأنها تعبير عن إرادة بلاده في بناء جيش أكثر استقلالية وفعالية.
في كلمة ألقاها مساء الأحد، أعلن ديبي أن الاتفاقية، التي وُقعت قبل عقود، لم تعد تتماشى مع احتياجات تشاد الأمنية أو الجيوسياسية الحالية. وقال الرئيس التشادي إن تشاد تواجه تحديات أمنية مستمرة منذ سنوات، في ظل الهجمات المتواصلة من الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، ورغم الدعم العسكري الفرنسي والأمريكي، لم تتمكن تلك القوات من تحقيق الاستقرار الكامل في البلاد.
وأوضح ديبي أن "الانسحاب من الاتفاق العسكري مع فرنسا يأتي ضمن جهودنا لبناء جيش تشادي مستقل، أكثر التزامًا في الدفاع عن وطننا"، مشيرًا إلى أن القوات الفرنسية التي كانت متمركزة في تشاد منذ استقلالها قبل أكثر من 60 عامًا قد تضطر إلى المغادرة بعد هذا القرار.
وأشار الرئيس التشادي إلى أن هذا الاتفاق تم توقيعه في حقبة مختلفة ومع أطراف أخرى، مما جعله الآن "عفا عليه الزمن". وأكد في الوقت ذاته أن تشاد ستظل منفتحة على التعاون مع جميع شركائها الدوليين، بما في ذلك فرنسا، في إطار شراكات جديدة تلائم متطلبات الأمن الوطني والتطورات الجيوسياسية.
ويأتي هذا القرار في وقت حساس، حيث تشهد منطقة غرب أفريقيا تحولًا في موازين القوى بسبب سلسلة من الانقلابات العسكرية في كل من بوركينا فاسو، النيجر، ومالي، والتي أثرت بشكل كبير على النفوذ الفرنسي في المنطقة. وتزايدت مشاعر التذمر في بعض الدول الأفريقية تجاه السياسة الفرنسية، التي يُنظر إليها على أنها فشلت في تحقيق الاستقرار ومحاربة الإرهاب في الساحل.
في هذا السياق، بدا أن تشاد قد توجهت نحو روسيا في السنوات الأخيرة، ما يعكس تحولًا في علاقاتها الإقليمية والدولية. وقد شهدت السنوات الأخيرة تغيرات جوهرية في سياسة تشاد الخارجية، حيث بدأت في تعزيز علاقاتها مع موسكو بشكل ملحوظ، في محاولة للحصول على دعم لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
هذه التطورات تمثل ضربة جديدة لفرنسا في القارة الأفريقية، حيث كان لها تاريخ طويل من التعاون العسكري والدبلوماسي مع العديد من الدول الأفريقية. ويبدو أن فرنسا ستواجه تحديات أكبر في الحفاظ على نفوذها في منطقة طالما اعتبرتها أحد أهم ساحات نفوذها الاستراتيجي.