التجريد من الجنسية في النيجر.. خطوة تعمق الانقسامات وتفاقم التحديات السياسية
في خطوة مثيرة للجدل، قررت السلطة الانتقالية في النيجر، التي يقودها المجلس العسكري، تكثيف عقوبات التجريد من الجنسية ضد عدد من المسؤولين السابقين في نظام الرئيس المعزول محمد بازوم، بالإضافة إلى شخصيات أخرى، مما يثير تساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
مرسوم التجريد من الجنسية
في أغسطس الماضي، وقع رئيس المجلس العسكري الانتقالي، عبد الرحمن تياني، مرسومًا ينص على تحديد الجرائم التي تتيح للدولة تجريد الأفراد من جنسيتهم في حال صدور أحكام باتة ضدهم. ومنذ إصدار هذا المرسوم، بدأ القضاء في النيجر تنفيذ العقوبات على عدد من الشخصيات البارزة، بما في ذلك وزير الداخلية في عهد الرئيس بازوم، ألكاش الهدأ، ووزير الدولة للشؤون الخارجية السابق، هاسومي مسعودو، إلى جانب العقيد سليمان غازوبي وغيرهم. وتشير التقارير المحلية إلى أن عدد الأشخاص الذين تم تجريدهم من جنسيتهم تجاوز الـ 25 شخصًا، بما في ذلك قادة الجماعات المسلحة والمتمردة الذين يواجهون الآن هذه العقوبة.
تعميق الانقسام السياسي
من جهته، حذر المحللون السياسيون من أن هذه القرارات قد تعمق الانقسام السياسي في البلاد في وقت حساس تحتاج فيه النيجر إلى الوحدة الوطنية، خاصة في ظل التدخلات الأجنبية والخلافات الخارجية. وقال المحلل النيجري ناصر سيدو، في تصريح صحفي ، إن "النيجر تحتاج إلى مصالحة وطنية بعد عام من الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم"، مشيرًا إلى أن الانقلاب فشل في تحقيق الأهداف الرئيسية التي وضعتها قيادته، مثل استعادة الأمن وتأميم الثروات الوطنية. وأضاف أن "الهجمات لا تزال مستمرة وتزداد خطورة، في حين أن عملية تأميم الثروات، وخاصة اليورانيوم، تعثرت بسبب غياب المؤسسات الوطنية القادرة على استغلال هذه الموارد".
وشدد سيدو على أن "هناك تحديات أكبر تواجه البلاد، مثل إتمام العملية السياسية الانتقالية بنجاح وتعزيز التماسك الاجتماعي، بدلاً من اتخاذ قرارات من شأنها تعميق أزمة الثقة والانقسام".
التداعيات المحتملة
من بين الأسماء التي قد يطالها مرسوم التجريد من الجنسية، هناك قادة متمردين مثل محمود صلاح، رئيس جبهة التحرير الوطني، ومحمود توري، رئيس الجبهة الوطنية للعدالة. وفي هذا السياق، حذر المحلل السياسي محمد أوال من أن هذه القرارات قد تؤدي إلى تداعيات وخيمة، بما في ذلك تحفيز مشاعر الانتقام لدى الشخصيات المتضررة، مما قد يدفعهم إلى الانضمام إلى صفوف الأعداء، مثل الجماعات المتمردة التي تعيش حالة من الانتعاش في ظل تزايد الهجمات الدموية في البلاد.
وأضاف أوال في تصريح صحفي أن "الجماعات المسلحة والمتمردة تسعى دائمًا لتعزيز صفوفها، وهذه القرارات قد تعطيها دفعة جديدة من خلال ضم مزيد من العناصر المتمردة إلى صفوفها".
تشير هذه التطورات إلى أن تداعيات تجريد الشخصيات البارزة من جنسيتهم قد تؤدي إلى تفاقم الوضع في النيجر، مما يعزز الانقسامات السياسية ويزيد من تعقيد الوضع الأمني والاجتماعي في البلاد. في وقت حساس، تحتاج النيجر إلى تحركات سياسية حكيمة للمضي قدمًا في العملية الانتقالية وتحقيق الاستقرار الداخلي.