جورجيا على مفترق طرق.. احتجاجات مستمرة ومصير غامض وسط صراع داخلي وخارجي
على مدى الأيام الماضية، شهدت جورجيا تصاعدًا كبيرًا في الاحتجاجات الشعبية، حيث نزل مئات الآلاف إلى الشوارع في أنحاء البلاد للاحتجاج على قرار الحكومة تعليق مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. هذه الاحتجاجات، التي دخلت يومها التاسع، قابلتها قوات الشرطة الجورجية باستخدام خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين المؤيدين للاتحاد الأوروبي، ما زاد من تعقيد الوضع وأدى إلى تصاعد الغضب الشعبي.
الاحتجاجات وحوافزها
ورغم القمع العنيف الذي شهدته الاحتجاجات، لا تظهر أي مؤشرات على تراجعها. على العكس، يبدو أن أساليب الحكومة قد عززت من عزيمة المتظاهرين الذين يرون في قضيتهم معركة من أجل مستقبل جورجيا. الصحيفة الأمريكية "فورين بوليسي" نقلت عن المحللين أن هذه الاحتجاجات هي نتاج تراكمات من المظالم على مدى أشهر، حيث كان المحفز الرئيسي هو إعلان الحكومة تعليق مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028، وهو القرار الذي وُصف بـ "الخيانة العميقة" حتى من قبل بعض أنصار الحزب الحاكم.
احتجاجات واسعة وتنوع المشاركين
ما يميز هذه الاحتجاجات هو تنوع المشاركين فيها. ففي السابق، كانت المظاهرات مدعومة إلى حد كبير من قِبل المعارضة، لكن الحركة توسعت لتشمل قطاعات أوسع من المجتمع الجورجي. فقد استقال العديد من الدبلوماسيين والموظفين الحكوميين احتجاجًا على هذا القرار، كما انضم بعض الناخبين من حزب "الحلم الجورجي" الحاكم إلى الاحتجاجات. وهذا يعكس استياءً وطنيًا متزايدًا.
السيناريوهات المحتملة للمستقبل
يتوقع الخبراء أن تتجه جورجيا نحو واحد من أربعة سيناريوهات محتملة:
سيناريو التسوية: في ظل الضغوط الداخلية والخارجية، قد تتراجع الحكومة عن قراراتها الأكثر إثارة للجدل، مثل تعليق مفاوضات الاتحاد الأوروبي، وقد يكون الحل الوسط الأكثر أهمية هو الاتفاق على إجراء انتخابات برلمانية جديدة. ولكن مع تصاعد العنف، تصبح احتمالات التوصل إلى تسوية أقل.
السيناريو البيلاروسي: في حال عدم التوصل إلى تسوية، قد يعتمد حزب "الحلم الجورجي" على دعم روسيا في محاولة لقمع الاحتجاجات، ما قد يفضي إلى تدخّل روسي مباشر في الشؤون الداخلية لجورجيا.
سيناريو بولندا في زمن الحرب الباردة: قد تُروج الحكومة الجورجية لفكرة التدخل العسكري الروسي باعتباره خطرًا يهدد الاستقرار الداخلي، مما قد يدفع المواطنين إلى الرضوخ لتدابير الحكومة.
السيناريو الأكثر دراماتيكية: الثورة: إذا استمر الضغط الشعبي في التزايد، قد يتطور الأمر إلى ثورة شعبية، مما قد يؤدي إلى انشقاق قطاعات من الجيش والشرطة وتنضم إلى المتظاهرين. هذا السيناريو قد يعيد جورجيا إلى مرحلة من الفوضى وعدم الاستقرار على غرار التسعينيات.
الآفاق المستقبلية لجورجيا
تتجه الأنظار إلى المستقبل السياسي لجورجيا، في ظل الاحتجاجات المتواصلة والضغط الشعبي المتزايد. إذا ما تطورت الأمور في أحد السيناريوهات الثورية، فإن حكومة جورجيا قد تضطر إلى إجراء تغييرات جذرية، ربما بإجراء انتخابات جديدة أو حتى تشكيل حكومة مؤقتة. وبغض النظر عن السيناريو الذي سيتحقق، يبدو أن جورجيا على أعتاب مرحلة حرجة قد تحدد ملامحها لسنوات قادمة.