اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

ميانمار في قبضة الكارثة.. مقتل 700 مُصلٍ بانهيار المساجد خلال الزلزال

زلزال
زلزال

شهدت ميانمار كارثة طبيعية مدمرة بعد زلزال عنيف ضرب البلاد يوم الجمعة، بلغت قوته 7.7 درجة على مقياس ريختر، ليصبح أحد أقوى الزلازل التي شهدتها البلاد خلال القرن الماضي. هذه الكارثة لم تكن مجرد هزة أرضية عابرة، بل فجرت أزمة إنسانية عميقة وأبرزت تحديات خطيرة تواجهها البلاد في ظل حكم المجلس العسكري.

مئات القتلى وآلاف المصابين

وفقًا للمصادر الرسمية، ارتفع عدد القتلى إلى 1700 شخص، بينما أصيب أكثر من 3400 بجروح متفاوتة، ولا يزال أكثر من 300 شخص في عداد المفقودين. إلا أن الكارثة اتخذت بُعدًا أكثر مأساوية حين أعلنت إحدى المنظمات الإسلامية في البلاد أن أكثر من 700 مصلٍ لقوا حتفهم بعد انهيار المساجد عليهم أثناء صلاة الجمعة. يعكس هذا الرقم حجم الدمار الهائل الذي طال البنى التحتية الدينية، إلى جانب المنازل والمنشآت العامة.

المستشفيات في مختلف أنحاء البلاد أصبحت عاجزة عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى، ما دفع الأهالي والمتطوعين إلى التدخل في عمليات الإنقاذ والإغاثة بوسائل بدائية وبأقل الموارد. وفي ظل شحّ المعدات والإمدادات الطبية، باتت بعض المناطق الأكثر تضررًا تعاني من وضع صحي كارثي، ما ينذر بارتفاع عدد الضحايا في الأيام المقبلة.

استجابة الحكومة والمساعدات الدولية

اعترف رئيس المجلس العسكري، الجنرال مين أونغ هلاينغ، بصعوبة الموقف، مشيرًا إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع. وبعد ثلاثة أيام من الكارثة، وجّه نداءً نادرًا للحصول على مساعدات دولية. استجابت عدة دول لهذا النداء، حيث سارعت كل من الهند والصين وتايلاند بإرسال فرق إغاثة ومواد طبية، فيما قدمت ماليزيا وسنغافورة وروسيا مساعدات إضافية. ورغم هذا الدعم، لا تزال عمليات الإنقاذ تواجه تحديات لوجستية كبيرة، نظرًا لانهيار الطرق وانقطاع الاتصالات في بعض المناطق المتضررة.

التداعيات السياسية والاجتماعية

تأتي هذه الكارثة في وقت تعاني فيه ميانمار من اضطرابات سياسية منذ انقلاب 2021، الذي أدى إلى تصاعد الصراع بين المجلس العسكري والمعارضة المسلحة. وأثارت الاستجابة البطيئة للكارثة انتقادات داخلية وخارجية، حيث يرى مراقبون أن الحكومة العسكرية لم تكن مستعدة للتعامل مع أزمة بهذا الحجم، ما يعكس ضعف البنية التحتية وغياب خطط الطوارئ الفعالة.

علاوة على ذلك، فإن المجتمع المسلم في ميانمار، الذي عانى من تمييز واضطهاد لسنوات، بات يواجه كارثة إنسانية مضاعفة. فبينما فقد مئات المسلمين حياتهم في المساجد المنهارة، لا يزال كثيرون يواجهون صعوبة في الحصول على المساعدات، في ظل التوترات العرقية والدينية المستمرة.

مأساة تكشف أزمات أعمق

لا شك أن زلزال ميانمار يمثل كارثة طبيعية وإنسانية هائلة، لكن تداعياته تتجاوز الأضرار المادية لتكشف أوجه القصور في استجابة السلطات للأزمات، وتعكس هشاشة الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد. ومع استمرار عمليات البحث والإنقاذ، تظل الأسئلة قائمة حول قدرة الحكومة على التعامل مع تداعيات الكارثة، وما إذا كانت هذه الأزمة ستؤدي إلى تغييرات جوهرية في المشهد السياسي والإنساني في ميانمار.

موضوعات متعلقة