إسرائيل وحماس بين تعثر المفاوضات وتوقعات التصعيد العسكري

يبدو أن المشهد السياسي في غزة يسير نحو تعقيد أكبر في المفاوضات، مع استمرار إسرائيل في تعليق المساعدات الإنسانية، وسط تزايد المخاوف من انهيار التفاهمات الهشة. وفقًا لموقع والا الإسرائيلي، فإن هذا القرار جاء كبديل مؤقت عن استئناف العمليات العسكرية، في ظل تعثر المحادثات مع حركة حماس وعدم تحقيق أي اختراق حقيقي في المفاوضات.
من بين التطورات التي شكلت مفاجأة لإسرائيل، كان دخول الولايات المتحدة في محادثات مباشرة مع حماس عبر المبعوث الأمريكي لشؤون الأسرى، آدم بولر، دون إشراك تل أبيب. هذا الأمر قيد قدرة إسرائيل على استخدام التهديد العسكري كورقة ضغط، وأثار مخاوف من تحولات في موقف واشنطن من الصراع.
مبادرة حماس: حل شامل أم مناورة سياسية؟
بحسب تصريحات بولر، قدمت حماس مقترحًا شاملاً يتضمن:
إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها.
التخلي عن التسلح في إطار ترتيبات أمنية جديدة.
عدم التدخل في السياسة الفلسطينية.
هدنة طويلة تمتد بين 5 و10 سنوات.
هذا العرض يطرح تساؤلات حول جدية حماس في الوصول إلى اتفاق مستدام، وهل هو جزء من استراتيجية تفاوضية لتحسين شروط التهدئة، أم أنه خطوة تكتيكية لتخفيف الضغط العسكري والاقتصادي عن غزة؟
إسرائيل، من جانبها، تعاملت مع العرض بحذر شديد، ورفضت الانتقال إلى المرحلة الثانية من التفاوض، التي تتضمن وقفًا كاملًا للحرب، معتبرة أن ذلك يمنح حماس فرصة لإعادة بناء قدراتها العسكرية.
الضغط الاقتصادي والعزلة السياسية
مع استمرار التعثر الدبلوماسي، لجأت إسرائيل إلى استراتيجية الضغط الاقتصادي من خلال وقف المساعدات الإنسانية وقطع الكهرباء عن غزة، في محاولة لإجبار حماس على تقديم تنازلات أكبر.
وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، صرح بأن هذه الإجراءات تأتي في إطار سياسة الضغط القصوى لضمان إطلاق سراح الرهائن، ومنع حماس من الاستمرار ككيان حاكم في غزة بعد انتهاء الحرب.
في المقابل، أكدت حماس أنها لن تتنازل عن مطالبها الأساسية، والتي تشمل اتفاقًا شاملاً يتضمن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وانسحابًا إسرائيليًا كاملًا من غزة، وإنهاء الحصار المفروض على القطاع.
نتنياهو بين الضغوط الداخلية والخارجية
مع تصاعد الجدل حول مستقبل المفاوضات، كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتبنى استراتيجية "الضغط الأقصى"، حيث يسعى إلى إطالة أمد المرحلة الأولى من الهدنة، دون الالتزام بمرحلة ثانية تؤدي إلى إنهاء الحرب فعليًا.
واشنطن كانت قد قدمت مقترحًا لتمديد الهدنة خلال شهر رمضان والفصح اليهودي حتى منتصف أبريل، لكن حماس رفضت ذلك، معتبرة أنه لا يلبي الحد الأدنى من مطالبها.
تصعيد عسكري محتمل
مع استمرار الجمود في المحادثات، تتزايد التوقعات بأن إسرائيل قد تلجأ إلى استئناف العمليات العسكرية. وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، صرح علنًا بأن الجيش الإسرائيلي سيعود قريبًا للقتال في غزة، ما يشير إلى توجه حكومي نحو حسم الملف عسكريًا بدلاً من تسوية سياسية.
التحولات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعزز هذا السيناريو، خاصة بعد استقالة رئيس الأركان السابق، هرتسي هليفي، الذي تحمل مسؤولية إخفاقات الجيش خلال هجوم 7 أكتوبر 2023. وقد تم تعيين رئيس أركان جديد يُوصف بأنه أكثر صرامة، ويدعم استراتيجية عسكرية أكثر حدة تجاه غزة.
مستقبل النزاع: بين الحل الدبلوماسي والتصعيد العسكري
في ظل هذه المعطيات، يبقى المشهد مفتوحًا على عدة سيناريوهات، حيث أن:
إسرائيل تسعى لإطالة أمد الهدنة دون تقديم تنازلات كبيرة، ما يزيد الضغوط على حماس.
كما أن حماس ترفض أي تسوية لا تشمل وقفًا دائمًا للحرب ورفع الحصار، ما يعقد فرص الوصول إلى اتفاق.
التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة قد يؤدي إلى تحولات في السياسة الأمريكية تجاه الملف الفلسطيني، خاصة إذا استمرت تل أبيب في تجاهل المبادرات الدبلوماسية.