اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

توتر دبلوماسي.. اتهامات بريطانية لإيران بالتعاون مع عصابة «فوكستروت» وطهران ترفض بشدة

طهران
طهران

في تصعيد جديد للتوترات بين طهران ولندن، رفضت إيران بشدة الاتهامات التي وجهتها بريطانيا بشأن ارتباطها بعصابة «فوكستروت» الإجرامية، التي تنشط في السويد، وتُتهم بتنفيذ عمليات لصالح إيران، بما في ذلك استهداف مصالح إسرائيلية ويهودية في أوروبا، وفقاً لما أوردته وكالة "رويترز".

بريطانيا، التي أعلنت يوم الاثنين عن فرض عقوبات على العصابة وعلى قائدها المفترض "روا مجيد"، لم توضح تفاصيل تلك الهجمات المزعومة، مكتفية بالإشارة إلى أنها استهدفت مواقع إسرائيلية ويهودية في أوروبا. وتضمنت العقوبات تجميداً لأصول العصابة ومنع سفر مجيد، في خطوة وصفتها الحكومة البريطانية بأنها ضرورية لحماية الأمن الأوروبي.

لكن الرد الإيراني جاء سريعاً وحازماً عبر بيان صادر عن السفارة الإيرانية في لندن، وصفت فيه هذه المزاعم بأنها "لا أساس لها من الصحة" و"ادعاءات غير موثوقة تفتقر إلى الأدلة". وأكد البيان أن طهران قدمت احتجاجاً رسمياً إلى الحكومة البريطانية، محذرة من أن مثل هذه التصرفات الأحادية والمتسرعة "تؤدي إلى الإضرار بالعلاقات الثنائية" وتكشف عن "نهج عدائي يجب التراجع عنه".

ويشير هذا التصعيد إلى أن العلاقات الإيرانية البريطانية، التي شهدت في السنوات الأخيرة فصولاً من التوترات بسبب ملفات النووي، وحقوق الإنسان، والتدخلات الإقليمية، تدخل الآن مرحلة جديدة من التحديات على خلفية اتهامات أمنية وجنائية عابرة للحدود.

اللافت في هذا الملف هو غياب التفاصيل الدقيقة من الجانب البريطاني، ما يفتح المجال أمام تساؤلات بشأن طبيعة الأدلة التي استندت إليها لندن في ربط طهران بعصابة إجرامية في السويد، وخاصة في ظل نفي إيران القاطع. كما أن التوقيت يطرح علامات استفهام إضافية، في ظل التصعيد الإقليمي بين إيران وإسرائيل، وتصاعد المخاوف الأوروبية من امتداد هذا الصراع إلى أراضيها.

تسليط العقوبات على شبكات الجريمة المنظمة بوصفها أذرعاً محتملة لدول خصم، يمثل تطوراً في أدوات الضغط السياسي، لكنه في ذات الوقت يحمل تبعات دبلوماسية معقدة إذا لم يُدعّم بأدلة شفافة. وإذا لم تتمكن بريطانيا من تقديم إثباتات واضحة، فقد يتحول هذا الملف إلى أزمة دبلوماسية تعمّق عزلة إيران من جهة، أو تُضعف موقف لندن دولياً من جهة أخرى.

تأتي هذه الأزمة ضمن سياق أوسع من التوترات الإقليمية والدولية المتراكمة بين إيران والغرب، وخاصة في أعقاب التصعيد العسكري الأخير بين طهران وتل أبيب، وازدياد قلق الدول الأوروبية من امتداد هذا الصراع إلى أراضيها أو تأثيره على أمن مجتمعاتها.

1. إيران والشبكات العابرة للحدود

الاتهام البريطاني، رغم غموضه في تفاصيل الأدلة، يعكس تصاعد الشكوك الغربية في استخدام إيران لأدوات غير تقليدية، مثل الميليشيات والوكلاء أو حتى شبكات الجريمة المنظمة، لتوسيع نفوذها أو تنفيذ أجنداتها الأمنية والسياسية خارج حدودها. وإذا صحت هذه المزاعم، فهي تمثل نقلة نوعية في أدوات النفوذ الإيراني، إذ يتم لأول مرة ربط إيران مباشرة بشبكة إجرامية أوروبية – وليس مجرد جماعات مسلحة أو استخباراتية تقليدية.

2. بريطانيا في موقع أوروبي حساس

تلعب بريطانيا، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، دوراً متوازناً لكنه معقد في السياسة الدولية، خصوصاً تجاه ملفات مثل الملف النووي الإيراني، والأمن في الشرق الأوسط، والعلاقات مع إسرائيل. وتُفسَّر هذه الخطوة – فرض عقوبات على "فوكستروت" – كرسالة دعم غير مباشر لتل أبيب، وفي نفس الوقت كتحذير من اختراق الأمن الأوروبي عبر أدوات غير نمطية.

3. تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل

الادعاء بأن عصابة "فوكستروت" نفذت هجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في أوروبا يندرج في إطار صراع الظل الطويل بين إيران وإسرائيل، والذي يشمل الاغتيالات، والاختراقات السيبرانية، والهجمات على منشآت حساسة. الجديد هنا هو أن هذا الصراع ينتقل – وفق الاتهام البريطاني – من منطقة الشرق الأوسط إلى داخل القارة الأوروبية، ما يثير قلق العواصم الغربية من "عولمة" الصراع الإيراني-الإسرائيلي.

4. الملف النووي وعودة الضغوط الغربية

بريطانيا، كجزء من مجموعة 5+1، كانت تسعى لاحتواء البرنامج النووي الإيراني عبر المسار الدبلوماسي، لكن تعثر المفاوضات في السنوات الأخيرة جعل أدوات الضغط تتخذ أشكالاً مختلفة، منها العقوبات، والعزل الدبلوماسي، وحتى الاتهامات الأمنية. الربط بين طهران وعصابة إجرامية قد يُستخدم كورقة ضغط إضافية في أي مفاوضات مستقبلية.

5. الهواجس الأوروبية من الأمن الداخلي

من وجهة نظر أوروبية، خصوصاً بعد حوادث سابقة كُشِف فيها تورط عملاء إيرانيين في مؤامرات تفجير أو تجسس، فإن الربط بين إيران وشبكة إجرامية مثل "فوكستروت" يثير مخاوف من تزايد "التهديدات الهجينة"، التي تشمل الإرهاب، الجريمة، وحروب النفوذ، وكلها باتت تؤرق الأجهزة الأمنية في أوروبا.

موضوعات متعلقة