اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

في عيد الفصح.. بابا الفاتيكان يرفع صوته الضعيف ويندد بالوضع المأساوي بغزة والعالم

بابا الفاتيكان
بابا الفاتيكان

في مشهدٍ رمزي بليغ، ظهر البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان رغم هشاشته الصحية، من شرفة كاتدرائية القديس بطرس بروما، مخاطباً العالم في عيد الفصح، في لحظةٍ تداخل فيها الألم الجسدي بزخم الرسالة الروحية. كانت الملامح المنهكة لرأس الكنيسة الكاثوليكية كأنها تعكس واقعاً عالمياً مثقلاً بالمآسي، لا سيما ما يجري في غزة، حيث لا يزال المدنيون يرزحون تحت نيران الحرب والجوع والمعاناة.
رغم تعافيه النسبي من أزمة صحية كادت أن تودي بحياته، خفف البابا حضوره العلني بشكل ملحوظ في طقوس "أسبوع الآلام"، وغاب عن أبرزها لأول مرة منذ انتخابه في 2013، واكتفى برسائل رمزية قصيرة، تاركاً مهام التراتيل والصلوات للكرادلة، بينما احتفظ لنفسه بالموقف السياسي والروحي الأهم: النداء من أجل غزة.


نداء للسلام وتحذير من الكراهية

في رسالته التي تلاها أحد مساعديه من شرفة الكاتدرائية، شدّد البابا على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، مطالباً بإطلاق سراح الرهائن وإدخال المساعدات العاجلة للمحتاجين، مؤكداً أن «الشعب الجائع يتطلع إلى مستقبل سلام». لم تكن رسالته شأناً دينياً بحتاً، بل بياناً أخلاقياً في قلب أزمة إنسانية كبرى.

لكن نداءه لم يتوقف عند الشرق الأوسط، بل وجّه تحذيراً واضحاً من تنامي مشاعر معاداة السامية حول العالم، وكأنّه يُذكّر بأن نيران الكراهية لا تتقيّد بجغرافيا، وأن التاريخ يعيد نفسه عندما يتغذى التطرف على أزمات الشعوب.

صوت يتكئ على الإيمان رغم وهن الجسد

صوت البابا بدا متقطعاً، ضعيفاً، وكأنه يأتي من جسد منهك بالكفاح المستمر مع المرض. أُجبر على تفويض كثير من مهامه خلال الأسبوع المقدس، وهو أمر غير مسبوق لرأس الكنيسة، لكنه لم يُفقد رسالته التأثير، بل منحه بعداً إنسانياً عميقاً. فرؤية البابا، حتى لو كان مريضاً، باتت في حد ذاتها رمزاً للأمل والتشبث بالإيمان في وجه المحن.
وهو ما عبّرت عنه ماري ماندا، الحاجّة الكاميرونية، بقولها: «حتى لو كان مريضاً، نريد أن نراه...».

جاء عيد الفصح هذا العام بخصوصية استثنائية، إذ توافق احتفال جميع الطوائف المسيحية – الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية – بالعيد في اليوم نفسه، لأول مرة منذ سنوات، بفضل التقاء التقويمين الغريغوري واليولياني. كما يشكل عام 2025، الذي يليه، "السنة المقدسة" في الفاتيكان، وهي حدث كاثوليكي يُقام كل 25 سنة، يجذب ملايين الحجاج إلى روما. ويأمل المنظمون في أن يستعيد البابا عافيته ليقود هذه المناسبة الروحية الكبرى.

زيارة سجنية ورسالة ثابتة

ورغم التوصيات الطبية الصارمة بأن يلتزم راحة تامة، حرص البابا على أداء زيارة رمزية إلى سجن وسط روما، في خميس العهد، التقى خلالها عشرات السجناء. مشهد يختزل جوهر فلسفته البابوية: الحضور في الهامش، والمرافقة الروحية لأولئك الذين في الظلال.

مرض البابا ليس مجرد حالة صحية؛ بل اختبار لقدرة الكنيسة على مواصلة رسالتها في عالم مضطرب، يعاني من الحروب والقلق واللايقين. في صوته المتقطع، بدت كلمات الفصح كأنها تمزج بين ضعف الجسد وقوة الإيمان، وبين أمل القيامة وألم الواقع.

موضوعات متعلقة