العدوان الإسرائيلي على غزة بين أسماء الله الحسنى الـ99 والمادة الـ99 من ميثاق الأمم المتحدة
العدوان الإسرائيلي على غزة بين
أسماء الله الحسنى الـ99
والمادة الـ99 من ميثاق الأمم المتحدة
لقد تابع العالم أجمع مؤخرًا الرسالة التي وجهها أنطونيو غوتيروش السكرتير العام للأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن لتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة بسبب العدوان الإسرائيلي البربري والوحشي على غزة، الذي يشكل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، ولعلها المرة الأولى وغير المسبوقة التي يلجأ فيها سكرتير عام الأمم المتحدة إلى المطالبة بتفعيل هذه المادة؛ لإحساسه بالمخاطر التي تحيط بالسلم والأمن الدوليين بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة وحرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد المدنيين العزل منذ نحو 65 يومًا التي أسفرت عن سقوط نحو 18 ألف شهيد وأكثر من 40 ألف جريح نصفهم من الأطفال والنساء والشيوخ؛ فالسكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيروش قام بدوره ومارس مهامه ولفت الانتباه إلى خطورة الوضع الآن على السلم والأمن الدوليين، خاصة أن المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي طلب السكرتير العام تفعيلها للمرة الأولى منذ أن أصبح أمينًا عامًّا في عام 2017 تنص على منح الأمين العام للأمم المتحدة صلاحية لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين.
وقال في رسالته إن الصراع خلق معاناة إنسانية مروعة ودمارًا ماديًّا وصدمة جماعية في جميع أنحاء العالم والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وسلط الأمين العام في رسالته الضوء على محنة المدنيين في غزة الذين قال إنهم يواجهون خطرًا جسيمًا يوميًّا، ولا تُوجد حماية فعالة للمدنيين ولا يُوجد مكان آمن في غزة وسط القصف المستمر من قبل القوات الإسرائيلية ودون مأوى أو توافر المقومات اللازمة للبقاء على قيد الحياة محذرًا أنه يتوقع أن ينهار النظام العام قريبًا بسبب الوضع البائس؛ ما يجعل المساعدة الإنسانية المحدودة مستحيلة، محذرًا أن الوضع قد يتفاقم مع انتشار الأمراض، ويؤدي النزوح الجماعي إلى خلق ضغوط على البلدان المجاورة.
وفي ختام الرسالة حث أعضاء مجلس الأمن على الضغط من أجل تجنب وقوع كارثة إنسانية، ودعا لوقف إطلاق النار الإنساني في غزة، والغريب والعجيب أنه بعد أيام قليلة من تلك الرسالة فشل مجلس الأمن في إصدار قرار بوقف إطلاق النار، بسبب الفيتو الأمريكي وحماية الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل والسماح لها بممارسة عدوانها الوحشي والبربري على غزة وسط صمت عالمي.
وبالتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية هي الراعي الرئيسي لإسرائيل، وهي التي تعتدي الآن على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس بقنابل وصواريخ صناعة أمريكية؛ لأن إسرائيل هي أداة في يد الولايات المتحدة الأمريكية أو الولايات المتحدة الأمريكية أداة في يد إسرائيل وآخر دليل هو تصديق الكونجرس على تصدير نحو 50 ألف قذيفة لدبابات ميركافا الإسرائيلية الموجود في غزة.
ومن مفارقات القدر أن يأتي ذكر المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لأول مرة، ويتردد صداها ومحتواها ومعانيها ونصوصها على أذهان العالم كله شرقًا وغربًا، وأصبحت هذه المادة هي الحديث الأول على شبكات التواصل الاجتماعي وبكل لغات العالم.
وفي الوقت نفسه تذكر المسلمون في العالم رقم 99 من الناحية الإسلامية، وهو أسماء الله الحسنى، حيث روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة غير واحد، من أحصاها دخل الجنة".
وأسماء الله الحسنى هى أسماء سمَّى الله بها نفسه في كتابه أو على لسان أحد من رسله، أو استأثر الله بها في علم الغيب عنده، وقيل إن أسماء الله الحسنى هي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد وتعظيم الله وصفات كمال الله وأفعال وحكم ورحمة وعدل من الله يُدعى الله بها، وتقتضي المدح والثناء بنفسها،
كما عرفها الشيخ محمد متولي الشعراوي في كتابه أسماء الله الحسنى في رحاب آيات قرآنية، حيث يقول إنه في ظلال الآيات ومع إشراقتها نعيش مع الأسماء الحسنى والصفات العليا في طريق الوصول إلى الله مصداقًا لقوله تعالى في سورة الأعراف، الآية الـ180: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا".
ويكمل الشعراوي قوله: إن حب العبد لذات الله يجعله يعيش في عطاء صفاته؛ فمن حب الذات ظهرت له نفحات الصفات.
ويقول الشعراوي في تفسير الحديث الشريف "إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة غير واحد، من أحصاها دخل الجنة": إن الله تعالى قد أمرنا بأن نؤمن بأسماء ذاته وصفاته وأن نعبده -سبحانه وتعالى- طاعة واجتنابًا لمعاصيه؛ فهو العالِم بالسر وأخفى، وفي أسمائه أسرار وفي صفاته مدد يكشفه الله لمن تعامل مع صفاته وأسمائه.
وقوله تعالى في سورة طه: "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ"، وقوله تعالى في سورة الحشر الآية الـ24: "هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"،
ويعني هذا أننا لا يمكن تسمية الله تعالى بأسماء غير التي سمَّى بها نفسه في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة، وتعلم آثار الأسماء الحسنى هي -أصلًا- من أصول التوحيد والإيمان؛ لأنه كلما ازدادت معرفة العبد بربه، زاد إيمانه، فإذا كانت المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي صاغها بشر هم عباد الله قد فشلت وعجزت عن حماية الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس الشرقية بسبب جبروت وعدوان إسرائيل وحماية ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية لهذا العدوان؛ فإن أسماء الله الحسنى الـ99 هي الملاذ والملجأ الآن للشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس الشرقية أن يرددها في كل وقت وأن يتمسك بتلاوتها وإعلانها فإن الله يستمع إلى دعاء المستضعفين والمظلومين وقادر على نصرتهم وهزيمة أهل الشر وأهل العدوان؛ فأسماء الله الحسنى هي الأقوى والأعلى من المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتشابه فقط في الرقم، ولكنَّ هناك اختلافًا كبيرًا، بل كبيرًا جدًّا بين ما تعنيه المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة وما تعنيه أسماء الله الحسنى الـ99 في التعامل مع أزمة الشعب الفلسطيني في غزة، فالله القهار قادر على أن يقهر الجبابرة والمعتدين على شعبنا الفلسطيني في غزة.
والله -سبحانه وتعالى- المذل قادر على أن يذل الكافرين بعصيانهم وأن يذل إسرائيل.