عجائب عبد القدوس.. إسرائيل لا مثيل لها!!
قد تتعجب من عنوان مقالي خاصة عندما أقول: "دي دولة لا مثيل لها في العالم كله"، وأراهن أن حضرتك تتمتع بمستوى محترم من الذكاء بحيث تسطيع أن تقول على الفور: إن هذا على سبيل الذم والإدانة وليس للإشادة والأفتخار بها .. وهذا صحيح .. لكن من حقك أن تسألني عن أسباب قولي هذا والتأكيد عليه .. وما الذي يجعل هذه الدولة مختلفة عن العالم كله من أوله إلى آخره.
قد يقول البعض عرفنا السبب .. هذه الدولة قامت على أكتاف ناس قدموا من بلاد برة أو من الخارج وأستولوا على أرض فلسطين وطردوا سكانها الأصليين!!
وأرد قائلا: لا يا صديقي .. العديد من الدول قامت منذ القدم بهذه الطريقة فليس فيها جديد .. أمريكا قامت على أكتاف أوروبيين طردوا سكانها من الهنود الحمر وأستولوا على أراضيهم .. وأمريكا اللاتينية كلها والمكسيك وأستراليا نشأت بلادهم على حساب السكان الأصليين .. وحتى تقترب حضرتك من الإجابة الصحيحة فإنني أذكر لك واقعة حدثت قبل أيام خلاصتها أن جنوب أفريقيا رفعت دعوى على إسرائيل في محكمة العدل الدولية تتهمها بالفاشية وإبادة الشعب الفلسطيني في "غزة" .. وكان مثار دهشة الكثيرين .. هذه الدولة تقع في "آخر الدنيا" بعيدة جداً عن الكيان الصهيوني.
لماذا هي وحدها التي رفعت هذه الدعوى الفريدة من نوعها .. صديق عزيز مقرب اسمه "عبدالله عبدالسلام" مدير تحرير الأهرام علق على ذلك قائلاً: "تحيا جنوب أفريقيا العربية "!! فقد فعلت مالم تفعله أي دولة عربية من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر بتعبير إذاعة صوت العرب أيام زمان!! جنوب أفريقيا عانت من التمييز العنصري لمدة ٣٠٠ سنة .. جاء إليها أبناء أوروبا وأغلبهم من البريطانيين وأحتلوا أرضها ، وحاولوا طرد سكانها الأصليين من السود كما حدث في أمريكا وغيرها ، ولكن هيهات.
أبناء جنوب أفريقيا الأصليين من نوعية مختلفة ، وبعدما فشلوا في طردهم قام نظام التمييز العنصري .. الرجل الأبيض له كل الأمتيازات ويعامل غيره كالعبيد ، ولم يسقط هذا النظام إلا أواخر القرن العشرين على يد القائد العظيم "نيلسون مانديلا" ورفاقه الذي ظل سجينا لأنه يطالب بإلغاء العنصرية أكثر من ربع قرن .. وهكذا سقط النظام العنصري في العالم كله ولم يتبق إلا إسرائيل .. اليهود لهم كل الأمتيازات بينما السكان العرب يلقون معاملة درجة عاشرة ، بل صدر قانون شاذ في منتهى العنصرية عام ٢٠١٨ ينص على عنصرية الدولة .. وإنها دولة يهودية!!
ويدخل في دنيا العجائب أن أمريكا تقف إلى جانب هذه الدولة العنصرية مع أنها عانت من ويلات التفرقة العنصرية ومازالت تعاني حتى هذه اللحظة .. وكان ينبغي أن يكون لها ذات موقف جنوب أفريقيا ، لكن لا تتعجب فالنفوذ اليهودي المتمثل في سطوة المال والنفوذ والسلطة يمسك بخناقها .. والعديد من اليهود تراهم في المراكز الحساسة بالبلاد .. ولذلك كان من الطبيعي أن تكون إسرائيل ولاية أمريكية جديدة تضاف إلى الولايات المتحدة الأمريكية .. لكن رأينا في العام المنصرم مفاجأة ونقطة ضوء في ظلام العدوان الإسرائيلي على "غزة" يتمثل في الصوت اليهودي الأمريكي الذي يعارض الصهيونية .. وأعلن رفضه للمذابح التي تجرى!
ولم يكتف بالإحتجاج الشفوي بل قاموا بمظاهرات عنيفة ، وكلهم من اليهود الأمريكان .. مرة أوقفوا طريق رئيسي في لوس أنجلوس .. وتجرأوا وهاجموا مبنى الكونجرس الأمريكي ذاته .. ومن يدري أتمنى أن تقع معجزة فيكون هذا الصوت اليهودي الحر هو السائد بين اليهود الأمريكان ، ويومها ستتغير المعجزة السياسية بالكامل في أمريكا والعالم كله.