رحلة الإسراء من الحطيم إلى السماء..قصة تكريم النبي وتعزيته في فقد الأحباب
تتعدّد الأحاديث حول رحلة الإسراء التي أخذ فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، ثم إلى السماء السابعة حيث تلقى دعوة من الله. وفي هذا السياق، ألقى الدكتور عبد اللطيف سليمان، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، الضوء على بعض التفاصيل الهامة حول هذه الرحلة العظيمة.
في الجزء الأول من رحلة الإسراء، يروي الدكتور عبد اللطيف سليمان أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان نائمًا في مكان يسمى الحطيم بالقرب من حجر إسماعيل عندما أتاه سيدنا جبريل عليه السلام، وكان برفقته إناء من ذهب يحتوي على ماء زمزم، ويشير إلى أنه في هذه اللحظة تم شق الصدر للمرة الثالثة، مما يعكس أهمية هذا الحدث في حياة النبي.
ذكر الدكتور عبد اللطيف سليمان أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقد خديجة وعمه في عام واحد، وكانا من أكثر الأشخاص حرصًا ومحبةً له، هذا ييركز على الجانب الإنساني للرحلة، حيث تلقى النبي تعزية وتكريمًا من الله بعد الأليمين، وأشار سليمان، وبهذا يتضح أن رحلة الإسراء لم تكن مجرد رحلة بدنية، بل كانت تجربة روحية ومعنوية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ويتجلى في تلك الرحلة المباركة وحدة الرسالات السماوية وأصل التوحيد، فكل الرسل جاءت بدعوة الإسلام قال تعالى: (قُولُوا آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة:136] وقال: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) [الحج:78].
قالت الإفتاء المصرية، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظةً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وصلَّى فيه بالملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم عُرِجَ به صلى الله عليه وآله وسلم يقظةً من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى.
كما عُرِضَت عليه صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة المباركة الجنَّة؛ ليرى فيها ما أعدَّه الله فيها من الثواب والنعيم ليبشر به المتقين.
وكذلك عُرِضَتْ عليه صلى الله عليه وآله وسلم النار؛ ليشاهد فيها ما أعدَّه الله تعالى فيها من العذاب الأليم لينذرَ به الكافرين والمشركين.
كما رأى خاتم الأنبياء ما رأى من آياته ربِّه الكبرى؛ كصورة سيِّدنا جبريل عليه السلام التي خلقه الله عليها وله (600) جناح، والسدرة وما غشيها من أمر الله، وشاهد ربه جل وعلا عيانًا بغير ارتسامٍ ولا اتصالِ شعاع، وكلَّمه سبحانه بلا واسطةٍ ولا حجاب: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: 10-11].
فرض الله سبحانه وتعالى عليه وعلى أمَّته صلَّى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة المباركة خمس صلوات في اليوم والليلة كل صلاة بعشر؛ أي: بثواب خمسين صلاة في اليوم والليلة.
خصَّ الله تعالى خاتم الأنبياء بمِنَحٍ عظيمة لم تكن لأحد سواه من إخوانه الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء المحدثين والمتكلمين والفقهاء، وتواردت عليه النصوص الشرعية الصحيحة.