من أين جاءت مهنة المسحراتي وكيف تطورت؟
يعتبر وجود المسحراتي من الطقوس الرمضانية الدينية والاجتماعية التي تكمل صورة شهر رمضان بالنسبة للكثيرين، فلا يمكن للأفراد وخاصة الأطفال أن يتخيلوا رمضان بدون سماع صوت قرع الطبول قبيل ساعات السحور، يقوم المسحراتي بجولته الليلية في الأحياء قبل ساعتين من وقت الإمساك، حيث يستخدم طبلته وصوته المنادي لإيقاظ سكان الأحياء باستدعاء أسمائهم أو أسماء أطفالهم.
تعود أصول المسحراتي إلى فترة انتشار الإسلام، ويُذكر في بعض المراجع أن أول مسحراتي في الإسلام كان الصحابي الجليل بلال بن رباح، وكان بلال وعبد الله بن أم مكتوم، مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقومان بمهمة إيقاظ المسلمين لتناول السحور في شهر رمضان المبارك.
كان بلال يؤذن ليتناول الناس السحور، في حين كان عبد الله ينادي للإشارة بدخول موعد الإمساك حيث يمتنع الناس عن تناول الطعام، ثم يعود بلال مرة أخرى لأذان الفجر.
تطورت مهنة المسحراتي مع مرور الزمن، ففي مصر ظهرت هذه المهنة في عهد الوالي عنتبة بن إسحاق في العام 832 هجرية ومنذ ذلك الحين، تطورت طرق عمل المسحراتي، فبدلاً من حمل عصا وقنديل، بدأوا يستخدمون طبلة يدقون عليها ليصل صوتهم إلى الجميع في الأحياء.
اما في اليمن يتسحرون بدق الأبواب على أصحاب البيوت، وينادون عليهم "قوموا.. للوا" بينما أهل الشام يتسحرون بدق الطار، وضرب المزمار، والغناء والرقص، وأهل المغرب يفعلون تقريبا مثل اهل الشام، فهم يضربون بالنفير على المناور والمنازل، ويكررونه ٧ مرات ليتناول الناس سحورهم، ويمسكون عندما ينطلق النفير ه مرات.
أما في الصومال يتسحر الأهالي على أصوات الأطفال، عندما ينطلق قبيل وقت السحور مرددين اغنية.. يحيا من يصوم في رمضان.
وفي الفلبين فالذي يتولى الايقاظ هم الأطفال حاملين فوانيسهم مرددين الاغاني، وفي إندونيسيا يتناوب الشباب مهنة ايقاظ الناس للسحور، حيث تقوم الجماعة صاحبة الدور بحمل آلة تسمى "بدوق" لايقاظ الصائمين
في العصر الحديث، أصبح المسحراتي على دراية بسكان المناطق التي يجوبونها. وبالتالي، يشجعون الأطفال على تناول السحور عن طريق ندائهم باسمائهم، هذا الأمر يضفي جوًا من البهجة على قلوب الأطفال والكبار على حد سواء، ويعزز من روحانية الشهر الفضيل.