الشيخ الثالث عشر للأزهر الشريف.. الشنواني البشوش مهذب النفس
"مهذَب النفس متواضعا مع الانكسار والبشاشة لكل أحد من الناس" هكذا وصف المؤرخ الجبرتي الشيخ الثالث عشر للأزهر الشريف محمد بن على بن منصور الشنواني المولود بقرية شنوان بمحافظة الغربية.
ولقب الشيخ محمد بـ"الشنواني" نسبة إلى قريته شنوان التي ولد بها، وتوفي يوم الأربعاء 14 محرم سنة 1233هـ- 1818م، وصُليَ عليه في الأزهر الشريف، وحمل في جنازة مهيبة إلى قبره في مقابر المجاورين.
ونشأ الشيخ الثالث للأزهر الشريف في قرية شنوان وحفظ القران الكريم ودرس علوم الأزهر مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، وغيرها من العلوم التي مكنته فيما بعد من أن يصبح على رأس هذه المؤسسة العريقة.
والشيخ الشنواني على المذهب الشافعي وعلى عقيدة أهل السنة، ويقول عنه "الجبرتي": هو شيخ الإسلام الفقيه العلامة والنحوي المعقولي، كان مهذَّب النفس متواضعًا مع الانكسار والبشاشة لكل أحدٍ من الناس، ويقول: كان عند فراغه من الدروس يُغيِّرُ ثيابه ويكنس المسجد وينظف القناديل ويعمرها بالزيت، ولم يناقش غيره في التدريس، وإنما قنع بإلقاء دروسه بالجامع المعروف بـ"الفكهاني" بالعقادين وكان قريبا من داره، فأقبل عليه الطلاب وانتفعوا بآرائه وتوجيهاته، كما انتفعوا بأخلاقه وآدابه ويتهافت علي علمه الآخَرون.
وكان للوالي محمد علي باشا، دورا هاما وبارزا في تولي الشيخ الشنواني مشيخة الأزهر، حيث تدخل محمد علي بشكل مباشر لاختيار تولي الشيخ الشنواني، وكان الإمام محمد العروسي من المزاحمين للشيخ الشنواني في ولاية المشيخة، لولا أن محمد علي باشا آثر عليه الشيخ الشنواني؛ لما عرفه عنه من تواضعه وانصرافه عن مظاهر السلطة، وكان محمد علي باشا قد ضاق بتدخل الشيخ الشرقاوي، وعمر مكرم في شئون الحكم دفاعًا عن حقوق الشعب.
وكان للشيخ الشنواني دورا هاما في التصدي لمحاولات محمد على تقليص نفود شيخ الأزهر وعلمائه إلى جانب أنَّه كان من قادة مقاومة الحملة الفرنسية، وقد حاول الوالي محمد على أنْ يستوليَ على أرض الدولة، وأنْ يتَّخذَ من العلماء مطية؛ حيث أفهمهم أنَّه سيترُك أرضهم يزرعونها بمعرفتهم، لكن الإمام "الشنواني" تصدي له، وطالَبَه بالإفراج عن الأوقاف المحبوسة للطلبة والأراضي الأخرى.