المستقبل للدراسات: تداعيات هجوم موسكو إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وانتقام محتمل من أوكرانيا
تحت عنوان "هجوم موسكو الإرهابي.. دلالات التوقيت والتنفيذ والمصلحة"، أصدر مركز المستقبل للدراسات ورقة بحثية تناقش الحادث وتداعياته.
وبدأت الدراسة بالحديث عما جرى بعد ساعات من بدء إطلاق النار داخل قاعة للحفلات الموسيقية، في منطقة كروكوس بموسكو، أعلن الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش - خراسان)، مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي، الذي خلف ما لا يقل عن 115 قتيلاً و121 جريحاً. ويتراوح العدد الدقيق للمهاجمين المتورطين، حسب المصادر الأمنية الروسية، بين ثلاثة وخمسة. فيما نجحت السلطات، على نحو سريع، في اعتقال عدد من المتورطين بشكل مباشر في العملية.
وكشفت الأجهزة الأمنية الروسية أن المشتبه بهم كانت لهم "اتصالات" في أوكرانيا، دون توجيه تهم مباشرة لسلطات كييف. وقال جهاز الأمن الفيدرالي، نقلاً عن وكالة "تاس": "بعد ارتكاب الهجوم الإرهابي، كان المجرمون يعتزمون عبور الحدود الروسية الأوكرانية". ووفقاً لوسائل الإعلام الروسية، والنائب ألكسندر كينشتاين، فإن بعض المشتبه بهم المعتقلين من طاجيكستان. فيما ردت السلطات الطاجيكية بالقول إنها "لم تتلق تأكيداً من السلطات الروسية بشأن المعلومات المتداولة حالياً حول تورط مواطنين طاجيك". في المقابل، حظي الهجوم بإدانة واسعة من المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا والمملكة المتحدة.
وقالت الدراسة أن هناك عدد من الملاحظات والرسائل الرئيسية التي انطوى عليها هجوم موسكو الإرهابي، ومنها الآتي:
1- هجوم دامٍ: يأتي هجوم موسكو في وقت تخوض فيه روسيا حرباً في أوكرانيا منذ أكثر من عامين؛ إذ تمت تعبئة كل مقدرات الدولة الأمنية والعسكرية والمعلوماتية للصراع في أوكرانيا.
2- رسالة ذات مضمون سياسي: جرى هجوم موسكو بعد أيام قليلة من إعادة انتخاب الرئيس، فلاديمير بوتين، لولاية رئاسية جديدة. فالرئيس بوتين قد أسس شعبيته على فكرة "الرجل القوي"، بوصفه ينحدر من جهاز المخابرات السوفيتي، وما يمثله من خيال شعبي يتصل بالقوة والسيطرة والتحصين الأمني. لذلك فإن هذا الهجوم قد يخدش هذه الصورة؛ إذ نجح المهاجمون في الوصول إلى قلب البلاد وأوقعوا هذا العدد الكبير من الضحايا.
3- المواجهة مع تنظيم داعش: تتعلق هذه الملاحظة بالجهة التي تبنتّ الهجوم؛ وهي تنظيم "داعش –خراسان" الإرهابي؛ إذ تبدو العملية على أنها تذكير من التنظيم للعالم بأنه ما زال قوياً وقادراً على ضرب خصومه، علي الرغم من تراجعه خلال السنوات الأخيرة، وكذلك تذكير لروسيا ونظام بوتين، بأن الحرب معه ما زالت سجالاً، بوصفه أحد الأطراف الأساسية في هزيمة داعش في سوريا، وكذلك في ليبيا.
4- تطابق التوقعات الأمنية الأمريكية مع الواقع: حذرت السفارة الأمريكية في موسكو، في 7 مارس الجاري، أي قبل أيام قليلة، من هجوم وشيك من قِبل "متطرفين يستهدف التجمعات الكبيرة في موسكو، بما في ذلك الحفلات الموسيقية".
واخيرا لخصت الدراسة
تداعيات محتملة لهجوم موسكو الإرهابي خلال الفترة المقبلة، لعل أبرزها ما يلي:
1- إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية الروسية.
لذا من المُحتمل أن يدشن الرئيس بوتين ولايته الجديدة بتغييرات جذرية على مستوى القيادات الأمنية والاستخباراتية. وكذلك على مستوى النهج الأمني، الذي استحوذت الحرب الأوكرانية على جزء واسع من عمله.
2- الانتقام من أوكرانيا: ستكون التداعيات أشد خطورةً على أوكرانيا في حالة استقرت القيادة الروسية على اتهام واضح للجانب الأوكراني في دعم الهجوم أو التخطيط له.
3- استئناف الحرب الروسية على الإرهاب داخل البلاد: من المُتوقع أن يعيد بوتين نشر قوات خاصة في القوقاز وعلى الحدود مع دول وسط آسيا، وربما تنفذ السلطات عمليات أمنية خاصة خارج حدود البلاد؛ إذ توجد معاقل تنظيم "داعش – خراسان"، في وسط وجنوب آسيا، ولاسيما في أفغانستان وباكستان.