هل تأثرت العلاقات المغربية الإسرائيلية بالعدوان على غزة؟
تتمتع عدد من الدول العربية بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل وهو ما يوصف التطبيع، ودائما ما توضع علاقات هذه الدول مع تل أبيب في دائرة الضوء بشكل كبير خلال تصاعد أي أزمة بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني، وهو أمر مشابه لما يجري الآن حيث تتعرض غزة لعدوان منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وفي هذا السياق، صد تقريرا حول تأثر العلاقات المغربية الإسرائيلية بالعدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ ستة أشهر، حيث كشفت معطيات رسمية حديثة، صادرة ضمن التقرير السنوي لـ”معهد اتفاقيات أبراهام للسلام” نقلا عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، عن تسجيل تباطؤ في التبادل التجاري ما بين المغرب وإسرائيل خلال الربع الأخير من سنة 2023؛ على الرغم من أن قيمة المبادلات التجارية بين البلدين بلغت، عند متم العام الماضي، أزيد من 116 مليون دولار أمريكي، بزيادة قُدرت بـ60,5 ملايين دولار مقارنة بسنة 2022.
وبحسب التقرير فإن مجموع قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب بلغ، خلال سنة 2023، ما قيمته أكثر من 100 مليون دولار؛ فيما لم تتجاوز قيمة هذه الصادرات مبلغ 38,4 ملايين دولار خلال السنة التي قبلها، في وقت تراجعت فيه الواردات الإسرائيلية من المملكة ما بين سنتي 2022 و2023 من 17.8 ملايين دولار إلى 16.2 مليون دولار.
وفي سياق منفصل انخفضت حركة تنقل الأفراد بين تل أبيب والرباط، حيث أوضحت الوثيقة ذاتها انخفاض في عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا المغرب خلال السنة المنصرمة، إذ تراجع هذا العدد من أكثر من 74 ألفا و568 سائحا خلال سنة 2022 إلى حوالي 50 ألفا و548 سائحا برسم سنة 2023، بانخفاض سنوي بلغ ما نسبته 32 في المائة؛ فيما بلغ عدد الإسرائيليين الوافدين على المملكة رقما قياسيا سنة 2021 بحوالي 80 ألفا سائح.
وفيما يتعلق بالمغاربة الذين زاروا إسرائيل، فقد انخفض بنسبة فاقت 10٪ ما بين عامي 2022 و2023، إذ لم يتجاوز عددهم خلال هذه السنة الأخيرة 3200 زائر؛ فقد بينت الأرقام أن عدد المواطنين المغاربة الذين توافدوا على إسرائيل خلال السنة الماضية أخذ في الانخفاض ابتداء من شهر أكتوبر، أي مع بداية الحرب بين حماس وتل أبيب، ليصل هذا العدد إلى الصفر خلال شهري نوفمبر وديسمبر المنصرمين؛ فيما انطبق الأمر نفسه على حركة السفر ما بين البلدين انطلاقا من مطار بن جوريون، التي أخذت هي الأخرى في الانخفاض مع بداية الحرب لتسجل مستوى صفريا في شهر ديسمبر.
ولفت “معهد اتفاقيات أبراهام للسلام” إلى أن “العام الماضي كان الأكثر إنتاجية للعلاقات الإسرائيلية المغربية منذ توقيع الاتفاقية الثلاثية بشأن استئناف العلاقات بين البلدين” مشيرا في هذا الصدد إلى تبادل مشاركة منظمات غير حكومية إسرائيلية في الجهود الإغاثية للمتضررين من زلزال الحوز وقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بالاعتراف رسميا بالسيادة المغربية على الصحراء.
في المقابل، أشار المصدر ذاته إلى وجود مجموعة من التحديات التي ما زالت تعترض تعزيز العلاقات بين الرباط وتل أبيب، إذ لم يقم البلدان بعد بالارتقاء بمكاتب الاتصال الخاصة بهما إلى مرتبة السفارات الكاملة، لافتا إلى تعليق الرحلات الجوية بين الدولتين على خلفية الحرب بين حماس والجيش الإسرائيلي، مشددا في الوقت ذاته على أهمية أن “تضمن البلدان الموقعة على اتفاقيات أبراهام فتح الإمكانات الكاملة للعلاقات بين إسرائيل والمغرب من أجل تحقيق فرص هائلة”.
وكان المعهد سالف الذكر قد كشف، في يناير الماضي، أن حجم التجارة بين البلدين سجل، خلال شهر أكتوبر، انخفاضا بنسبة ناهزت 61 في المائة مقارنة بالأرقام المحققة خلال الشهر ذاته من العام 2022؛ فيما كانت تل أبيب قد راهنت على اتفاقيات أبراهام من أجل تعزيز علاقاتها بالدول العربية، غير أن استمرار سياساتها وسيطرة اليمين المتطرف على القرار الحكومي كبح هذه المساعي الإسرائيلية.
وفي هذا الصدد، سبق للمغرب أن أجّل أكثر من مرة قمة النقب الثانية بسبب استمرار “السياسات الاستيطانية” وغياب توفر الشروط الموضوعية والمناخ السياسي الملائم لتحقيق الأهداف المتوخاة من هذه القمة.