برنامج المصالحة.. نموذج مغربي رائد في مجال مكافحة التطرف والإرهاب
برنامج مصالحة هو مبادرة وطنية شاملة أطلقها المغرب عام 2017 لمكافحة التطرف والإرهاب وإعادة تأهيل وإدماج السجناء المدانين في قضايا الإرهاب.
يسعى البرنامج إلى معالجة جذور التطرف من خلال برامج التوعية والتعليم الديني وتغيير السلوك، ويقدم البرنامج للسجناء برامج نفسية واجتماعية وتعليمية لمساعدتهم على التخلي عن أفكارهم المتطرفة وإعادة تأهيلهم كأعضاء فاعلين في المجتمع، ويساعد البرنامج السجناء المفرج عنهم على العودة إلى المجتمع من خلال توفير فرص العمل والدعم الاجتماعي.
يتم توفير برامج دينية وتعليمية للسجناء لتغيير أفكارهم المتطرفة، كما يتم توفير برامج للمساعدة على معالجة الصدمات النفسية التي قد يكون السجناء قد تعرضوا لها، وبرامج تعليمية وتدريبية للسجناء لمساعدتهم على اكتساب مهارات جديدة، ومتابعة السجناء المفرج عنهم وتقديم الدعم الاجتماعي لهم لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع.
نجح البرنامج في إعادة تأهيل مئات السجناء المدانين في قضايا الإرهاب، وتم الإفراج عن بعض السجناء الذين أظهروا التزامًا حقيقيًا بالتغيير، وساهم البرنامج في الحد من خطر التطرف والإرهاب في المغرب.
ويقوم برنامج المصالحة، وفق المندوب العام لإدارة السجون محمد صالح التامك، على 4 ركائز هي: المصالحة مع الذات، والمصالحة مع المجتمع، والمصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع النظم والمعايير المنظمة للمجتمع في علاقته بالفرد وبالمؤسسات الشرعية المؤطرة للحياة العامة.
بيد أن تغيير القناعات لا يبدو أمرا سهلا، فأغلب المستفيدين من البرنامج كانوا متشبّعين بفكر التنظيمات الجهادية على نحو جعل عددا منهم يغادرون أوطانهم وينتقلون للقتال في صفوف تلك التنظيمات.
ويقول رئيس المرصد المغربي للتطرف والعنف مصطفى الرزرازي، أحد الأعضاء المشرفين (على التأطير)، إن البرنامج يركز على مصالحة هؤلاء السجناء مع الذات وتوجيه النصح لهم.
وصرح بأن التعامل مع هذه الفئة من السجناء مكّن من إيجاد عدد من الآليات، وتوظيف تقنيات علمية واختبارات نفسية للتأكد من وقوع التغيير، قبل الخروج بخلاصات وتقييمات.
وتابع أن من الجوانب المستبعدة في برنامج "مصالحة" الاستفادة من السجناء السابقين مع العلم أن هذه الجزئية مهمة في الشق الوقائي، واستذكر بالخصوص تجربة الجماعة المقاتلة في ليبيا وتجارب أخرى كتجربة الأردن.
ووفق المتحدث، فإن خصوصية الظاهرة الإرهابية في المغرب أنها لم تقترن بتنظيمات إرهابية داخلية، كما هو الحال في بلدان أخرى، وأوضح أن الإشكال كان مع أفراد وخلايا وليس مع تنظيمات إرهابية، وهو ما جعل البلاد تتجاوز مسألة نقاش "المراجعات الفكرية" على عكس بلدان أخرى، حضر فيها هذا الموضوع بقوة.
ويقوم المسؤولون على البرنامج بتصنيف أولي للسجناء المدانين في قضايا الإرهاب، وفق توجهاتهم الفكرية ودرجة تشددهم.
ووفق تصريح مدير العمل الثقافي بمندوبية السجون مولاي إدريس أكلمام للجزيرة نت، فإن هذا التصنيف يحدد مَن مِن السجناء يطمحون إلى التغيير ومن ثم يرصد الحاجة إلى مدّ يد المساعدة لهم لتجاوز التناقضات الفكرية والوجدانية التي يعيشونها، و"أزمة الهوية" التي يبحثون عنها التي دفعتهم إلى الالتحاق بالفكر المتطرف.
وانطلاقا من النسخ الماضية، فقد وقع تغيير جذري لدى هؤلاء السجناء خصوصا في نظرتهم إلى المجتمع وعلى مستوى سلوكهم، حسب المتحدث.
ويتضمن برنامج "مصالحة" تنظيم ورشات عمل تعنى بالقانون ونشر ثقافة حقوق الإنسان، فضلا عن دروس في الاقتصاد الذاتي ومواكبة لاحقة في إطلاق مشاريع ذاتية مدرّة للدخل بعد انتهاء مدة محكوميتهم أو الاستفادة من العفو الملكي.