التضامن مع الفلسطينيين.. الجامعات الأوروبية تنتفض ضد إسرائيل
أثارت موجة الاحتجاجات التي شهدتها الجامعات الأمريكية ضد الحرب الإسرائيلية على غزة موجة أخرى من الفعاليات التضامنية مع الفلسطينيين، مع التركيز على التنديد بـ"جرائم الإبادة الجماعية" التي تقوم بها إسرائيل في غزة. امتدت الاحتجاجات من الولايات المتحدة إلى الجامعات في أوروبا، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا، ووصلت حتى إلى أستراليا، حيث عبّر الطلاب والنشطاء عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية.
في الأيام الأخيرة، تكرر مشهد نصب الخيام في الجامعات الأمريكية من قبل الطلاب كوسيلة للتنديد بالدعم العسكري الذي تقدّمه الولايات المتحدة لإسرائيل وبالوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة. غالبًا ما تتدخل شرطة مكافحة الشغب لإخلاء الطلاب بالقوة، مما يثير المزيد من الجدل حول حقوق الاحتجاج وحرية التعبير في الحرم الجامعي.
تجمع المتظاهرون من مختلف أنحاء العالم، الذين يشهدون تلك الاحتجاجات، على مطالب موحدة تتمثل في وقف التعامل مع إسرائيل ومحاسبتها على "جرائم الإبادة" التي ارتكبت في غزة. ومع ذلك، تباينت الآراء حول معايير حرية التعبير وكيفية التعامل مع قضايا الاحتجاج والمعارضة. هذه الاختلافات أثارت نقاشات واسعة حول الحدود المقبولة للتعبير عن الرأي في مختلف المجتمعات.
واستلهم الطلاب في فرنسا من الجامعات الأمريكية مثل كولومبيا ونيويورك، وأقاموا مخيمات للتضامن مع غزة. ففي يوم الجمعة، عرقل المحتجون الوصول إلى مبنى حرم جامعة "السوربون" الشهيرة، بينما شهدت كلية "ساينس بو" للعلوم السياسية احتجاجات معارضة للحرب على غزة، بالإضافة إلى اعتصام يحاكي الاعتصامات في الجامعات الأمريكية.
وشوهد العشرات من ضباط الشرطة بملابس مكافحة الشغب خارج أحد مباني الحرم الجامعي، ويبدو أنهم يستعدون لإخلاء المكان، وفقًا لتقارير شبكة CNN. هذه الإجراءات تشير إلى تصاعد التوترات بين الطلاب والسلطات الفرنسية حول حرية التعبير والحق في الاحتجاج.
شهد "معهد باريس للدراسات السياسية" المعروف باسم "ساينس بو" Sciences Po، والذي تخرج منه الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس وزرائه جابرييل أتال، يوماً دراماتيكياً بفعل الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. بدأ المتظاهرون باحتلال المبنى المركزي للمعهد، حيث أغلقوا مدخله باستخدام صناديق القمامة والمنصات الخشبية والدراجات. تجمعوا حول نوافذ المبنى، مرددين شعارات مؤيدة للفلسطينيين، وعلقوا الأعلام الفلسطينية ولافتات كتب عليها "كلنا فلسطينيون".
لاحقاً، في نفس اليوم، واجه المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين مجموعات داعمة لإسرائيل في الشارع، حيث تطورت الأجواء إلى مواجهة متوترة استدعت تدخل شرطة مكافحة الشغب للفصل بين الطرفين. تضمنت مطالب المحتجين المؤيدين للفلسطينيين دعوات لمؤسسة Science Po لقطع علاقاتها مع المدارس الإسرائيلية، وفقًا لوكالة "أسوشيتد برس".
في ألمانيا، تحركت الشرطة يوم الجمعة لإخلاء مخيم احتجاج مؤيد للفلسطينيين تم إقامته خارج مبنى المستشارية في برلين منذ بداية أبريل. شمل المخيم حوالي 20 خيمة تؤوي حوالي 20 شخصًا، حيث كانوا يطالبون بوقف شحنات الأسلحة الألمانية إلى الجيش الإسرائيلي، إلى جانب تنظيم أنشطة أخرى مثل ورش العمل.
وصرح منظم الاحتجاج، جارا نصار، لشبكة "دويتشه فيله" (DW) بأن "ألمانيا يجب أن توقف صادرات الأسلحة وتوقف دعمها للإبادة الجماعية الإسرائيلية والمجاعة والحصار والقصف. كل هذه الأفعال يجب أن تتوقف".
وأشار جارا نصار إلى أن الشرطة منعتهم من استخدام لغات غير الألمانية أو الإنجليزية، وجعلت صلواتهم وأغانيهم وورش عملهم أمرًا مجرمًا. وأضاف: "والآن يبررون إجراءاتهم بأننا نمتلك أريكة تلحق الضرر بالعشب (...) في ألمانيا، إتلاف العشب يبدو أسوأ من ارتكاب الإبادة الجماعية".
من جانبها، قالت الشرطة إن المتظاهرين "انتهكوا" القيود بشكل متكرر، بما في ذلك تلك التي تحمي المناطق الخضراء، وارتكبوا جرائم جنائية مثل التحريض على الكراهية واستخدام الرموز غير الدستورية والشعارات المحظورة.
صرحت الناطقة باسم الشرطة، أنجا ديرشكي، بأن "حماية التجمعات لم تعد مضمونة في هذه المرحلة، حيث إن السلامة العامة والنظام معرضان لخطر كبير".
في أستراليا، نظم طلاب جامعة "سيدني" مخيمات مؤيدة لفلسطين يوم الثلاثاء واستمروا في احتجاجاتهم حتى الجمعة. في جامعة ملبورن، قام الطلاب بنصب خيام في الحديقة الجنوبية للحرم الجامعي الرئيسي يوم الخميس.
وبحسب مواقع محلية، اضطرت جامعة سيدني إلى إخلاء الطلاب والكوادر التعليمية من حرمها الجامعي، بعد أن أجرت شرطة نيو ساوث ويلز تحقيقاً يوم الجمعة. جاء ذلك استجابة لتقارير تفيد بوجود "قنبلة" في الحرم الجامعي. ومع عمليات البحث المكثفة، تم رفع الإغلاق، ولم يتم العثور على أي شيء يشير إلى وجود تهديدات. ومع ذلك، أثارت هذه الحادثة قلقًا وأثرت على سير الأنشطة الجامعية بشكل طبيعي.
في إيطاليا، نظم طلاب من جامعة سابينزا مظاهرات واعتصامات وإضرابات عن الطعام في 17 و18 أبريل. وفقًا لتقارير منشورة على منصات التواصل الاجتماعي، اشتبكت الشرطة مع الطلاب أمام جامعة سابينزا أثناء الاحتجاجات.
وفي إنجلترا، احتل طلاب جامعة "وارويك" ساحة الحرم الجامعي احتجاجًا على علاقات الجامعة مع إسرائيل. وطالب الطلاب الجامعة بسحب استثماراتها من الشركات التي تمول، بحسب اعتقادهم، "الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل في غزة، كما ذكرت صحيفة The Boar، وهي صحيفة طلابية في الجامعة.
ونقلت الصحيفة عن أحد الطلاب المحتجين، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، قوله إن الاحتجاجات الأمريكية ألهمت نشاطهم، لكنهم كانوا يخططون لاتخاذ إجراءات مماثلة حتى قبل ذلك. هذه الحركات الاحتجاجية تشهد تنامياً في التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، إلى جانب انتقادات للسياسات المتعلقة بإسرائيل في الجامعات الغربية.