الدكتور سلامة داود: الله جعل الأزهر قبلة للعلم ورفع لواءه
قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، في كلمته خلال مؤتمر كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، الدولي الخامس الذي يقام تحت عنوان: «دور مشايخ الأزهر الشريف في خدمة العلوم الشرعية والعربية»، إن الأزهر الشريف قد جعله الله قبلة للعلم، وأسس له، ورفع لواءه، ورفع قدره، وأبقاه محل ذكر في العالمين، يُذكر بالفضل والإحسان من أحسن إليه، ويُذكر بالذراية والسوء من ظلم نفسه. كما صلى الله على سيدنا محمد، الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء، فرفعهم إلى أعلى المنازل، وأراد لهم أن يكونوا أنوارًا يرثون النبوة.
وأضاف رئيس جامعة الأزهر أنه يشرف هذا المؤتمر برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ولقد اختارت كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة موضوعًا يتناول "دور مشايخ الأزهر الشريف في خدمة العلوم الشرعية والعربية".
أوضح رئيس جامعة الأزهر أن بحوث المؤتمر تتعرض لانتقادات حادة، مؤكدًا أنهم لا يخشون ذلك؛ لأن الله هو الذي يطفئ نيران الانتقادات، وكما اشتعلت نيران في الماضي ولم تؤثر سوى على من أشعلها، واستمرت قصصهم كعبرة للعقول الرشيدة.
وتساءل رئيس الجامعة: أين هم الذين زرعوا الشكوك والشبهات التي استهلكت عقول الناس وتسببت في قلقهم؟ فقد انحسرت هذه الشكوك وانقضت معها الشخصيات التي أثيرت حولها الجدل، وأين أصحاب الأصوات العالية التي كانت تملأ الفضاء؟ لقد رحلوا وذهبت معهم شبهاتهم، تاركين وراءهم دروسًا للتأمل والتعلم.
وأشار الدكتور سلامة داود، إلى أن الأزهر الشريف، بقي ثابتًا لا تزحزحه الحوادث ولا تزلزله العواصف الهوج التي تعصف بعقول من تنطلي عليه هذه الحيل والتهويلات الفارغة الخالية من التحصيل ولا تقف على قدم واحدة عرجاء.
واستشهد بقول الله تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ (سورة الرعد).
وأوضح رئيس جامعة الأزهر، أن مناهج علمائنا تتميز بأنها يُقَوِّم بعضُها بعضًا، وقد استدركوا على بعض- فاستدرك تلاميذ أئمة المذاهب على أئمتهم- دون أن تقوم من أجل ذلك فتنة ودون أن تنتطح في ذلك عنزان.
وأضاف الدكتور سلامة داود، علماء الأزهر الشريف كانوا علماء، حين يناقش بعضُهم بعضًا يلتزم بأدب العلم وأخلاق المناظرة، ويرون جميعًا أن الهدف هو الوصول إلى الحق والصواب، لا فرق بين أن يكون لك أو عليك، ولم يكن هدفهم إثارة العوام وأشباه العوام، وإشعال نار تمتد لظاها لتأكل أمن الناس وراحتهم واستقرارهم وتمتلىء ساحاتنا ثرثرة تضيع فيها الأوقات والأعمار؛ ويأكل فيها القوي الضعيف، ويشمت الغالب بالمغلوب، وتنقلب حياة الناس بين عشية وضحاها إلى حالة من البلبلة.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر، أنه كان من مناهج علمائنا في الخلاف أنه (لا يرد إلا على مَن كان له صواب يؤخذ عنه، أما مَن ليس له صواب يؤخذ عنه فلا يُرَدُّ عليه، وإن ملأ الدنيا ضجيجًا).
ولفت إلى أنه قديمًا قالوا: لو سكت مَن لا يدري لاستراح الناس؛ لأنَّ العلم لا يؤخذ بكثرة الضجيج ولا بارتفاع الصوت ولا بكثرة الظهور، وإنما يؤخذ العلم بطول المراجعة والمفاتشة والتحري والتثبت وحسن النظر والإنصات، حتى قال القاضي الباقلاني: إنَّ العلم يحتاج إلى سكون طائر؛ يعني أن المسألة الدقيقة لو زقزق عصفور لطارت الفكرة وشردت وضاعت؛ ولذا كان أصحاب الفكر يستعينون بالظلام على صيد الخواطر وبنات الفكر المهذب،
وأشار رئيس جامعة الأزهر، إلى أنه اطلع على عناوين البحوث المقدمة للمؤتمر فوجدها تدور في مجملها حول فكر الأئمة الكبار الذين تولوا مشيخة الأزهر الشريف، ورأيت من بينها ستة بحوث تدور حول فكر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ تناولت: (فكر الإمام بين منابع التكوين المعرفي ومواجهة التطرف الفكري)، و(جهود الإمام أحمد الطيب في تعزيز قيم الحوار الحضاري والتعايش السلمي)، و(جهود الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في نصرة المستضعفين)، و(الأزهر الشريف وقوته المؤثرة في التفاعلات الدولية في عهد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب)، و(الإمام الأكبر ودوره التجديدي في التفسير...قضايا المرأة نموذجًا)، و(ترجمة معاني القرآن الكريم بين الحظر والإباحة والموقف العلمي للشيخ أحمد الطيب في ضوء ذلك).