مفتي الديار المصرية بمنتدى كاسيد: الانحراف عن تعاليم الدين سبب انتشار الإرهاب
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن انتشار العنف والإرهاب لم يحدث بسبب الأديان، بل ناتج عن انحراف عن تعاليم الأديان الصحيحة. فالأديان الحقة تدعو إلى التعايش والتسامح واحترام الآخر والتنوع.
وأشار مفتي الجمهورية، خلال كلمته الرئيسية في فعاليات منتدى "كايسيد" للحوار العالمي في العاصمة البرتغالية "لشبونة"، إلى أن هذا المنتدى يعتبر استجابة صحيحة لنداءات ومتطلبات الواقع المعقد والمتشابك الذي يعيشه العالم حالياً، بسبب تزايد النزاعات والفتن والاحتراب الداخلي والخارجي، وتفاقم الأزمات.
أكد مفتي الجمهورية أنه على العقلاء في الأمم أن يكونوا حائط صد منيعًا لحماية الأمم والشعوب من الفوضى التي تهدد الواقع والمستقبل. وأوضح أن اتحاد القادة الدينيين تحت مظلة "كايسيد" يسعى إلى تصحيح المفاهيم وعلاج الأسباب الحقيقية للعنف والإرهاب، مما سيسهم في الحد من هذه الظواهر البغيضة.
ولفت مفتي الجمهورية إلى أن دعوة الإسلام تعتبر منفتحة على العالمين، حيث تسعى إلى تحقيق الخير والأمن والسلام للإنسانية بأسرها. يعتبر الإسلام دينًا يؤكد على القيم المشتركة بين الأديان، ويعزز الإسلام قيمة التفاهم والتعايش السلمي بين الناس دون تمييز ديني أو عرقي.
كما أوضحت الآية الكريمة التي تدعو إلى تعارف الناس والاحترام المتبادل، وتؤكد كرامة الإنسان تكمن في التقوى والتقدير، وهذا ما يجسده الإسلام في تعاليمه وقيمه، كما قال الله تعالي:" (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ويعزز الإسلام كذلك قيمة التفاهم والتعايش السلمي بين الناس جميعا بلا تفرقة على أي أساس ديني أو عرقي، يقول تعالى (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) .
وأضاف مفتي الجمهورية، لقد أقام الإسلام عبر تاريخه الطويل حضارة إنسانية أخلاقية وسعت كل الملل والفلسفات و الحضارات وشاركت فى بنائها كل الأمم و الثقافات وأننا كمسلمين استوعبتا تعددية الحضارات ونحن كمسلمين فخورون بحضارتنا لكننا لا نتنكر للحضارات الأخرى، فكل من يعمل على التنمية البناءة في العالم شريك لنا امتثالا لقوله تعالي (وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان).
ولفت إلى أن المسؤوليات التي تقع على كاهل القيادات الدينية هي مسؤوليات جسيمة، ومهام شاقة، فهناك قوى شر كثيرة ذات إمكانات هائلة تريد أن تجر العالم إلى منعطف من الصراع والنزاع الذي لا ينتهي، وهناك قوى خير تعمل على مقاومة هذا التوجه نحو الشر والعنف، وحتى تثمر جهودنا عما يحقق الخير والسلام للعالم أجمع، ولابد أن نضع البرامج الجادة ونحدد الأهداف ثم الأولويات، ثم ننطلق لنعمل بحب وجد وتعاون فيما بيننا، وإن قيمة الحب الصادق فيما بيننا لكفيلة أن تجعل تأسيس هذا الحلف العظيم يمثل نقلة حضارية كبيرة في تاريخ البشرية.
وتابع مفتي الجمهورية أن مسؤولية القيادات الدينية في تعزيز الحوار بين الأديان لا تنحصر في مجرد التزام أخلاقي فحسب، بل هي ضرورة ملحة لضمان وحدة نسيج المجتمع الإنساني واستنقاذ الأجيال القادمة من الوقوع في براثن التطرف والكراهية والعنف والتعصب.
وأشار إلى أن "دار الإفتاء المصرية" سعت في الفترات السابقة بخُطًا حثية لجمع الشمل وتوطيد الأخوة ونبذ الكراهية في مجال الإفتاء، فأنشأنا الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لنتحاور ونتعاون على البر والتقوى ونجمع شمل المفتين على المحبة والسلام ونبذ الكراهية محليًّا وعالميًّا.
كما حرصت دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور الإفتاء في العالم على ترجمة هذه القيم في فاعلياتها وفتاويها وبياناتها ومبادراتها ومؤتمراتها العالمية المختلفة وسوف ستكثف من جهودنا بعون خلال الفترة القادمة لمزيد من التنسيق مع شركائنا في الشرق والغرب لبناء الجسور والتعاون علي ما فيه صالح البلاد والعباد.