السديس يقدم عدداً من الوصايا لضيوف الرحمن
قدم معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السديس؛ عددًا من الوصايا التوجيهية الدينية، لعموم المسلمين، وقاصدي وزائري الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، حول أهمية عشر من ذي الحجة، مؤكدًا على أنه يُشْرَعُ في هذهِ العَشرِ المبادرةُ بالتوبةِ النَّصوحِ والرجوعِ إلى اللهِ، كَما يجبُ عَلى المسلمِ المحافظةُ على الفرائضِ والواجباتِ؛ مِنْ صلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ وحجٍ يَتقرَّبُ بِهِ العبدُ لربِّهِ جَلَّ وعَلَا، والإكثارُ مِنَ التَّهلِيلِ وَالتَّسبِيحِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيدِ.
وخاطب رئيس الشؤون الدينية ضيوف الرحمن قائلاً: "لقد أطلّتكم أيام عظيمة هي أفضل أيام الدنيا، كما صح عنه ﷺ أنه قال: (أفضل أيام الدنيا أيام العشر)، وقد أقسم الله بها في كتابه، وإقسامه بشيء دلالة على مكانته عنده، قال سبحانه: "والفجر وليال عشر" وهي عشر ذي الحجة وفيها يوم عرفة الذي قال فيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً أو أمة من النار من يوم عرفة).
وقال: "إن شهر ذي الحجة من الأشهر الحُرُم التي قال الله -سبحانه- عنها: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾، ومعنى الحُرُم: "أنه يعظم انتهاك المحارم فيها، بأشد مما يعظم في غيرها".
وبين أن الرئاسة فعلت مبادرة “وليالٍ عشر” عبر سلسلة من الخِدمات الدينية والعلمية والتوجيهية، والإهداءات الورقية والرقمية، والمحاضرات الإرشادية؛ لتذكير حجاج بيت الله الحرام بمآثر عشر ذي الحجة، ومحمدة العمل فيها، وسبل استغلالها، لا سيما وقد اجتمع لهم مع شرف الزمان شرف المكان، مما يستلزم رعاية الشرف حق الرعاية؛ بإتيان الفرائض على وجهها والإكثار من القربات، واجتنباب المحرمات وشواغل الأوقات؛ مما لا يعود بالنفع على الحاج في المعاش والمعاد.
وأكد على ضرورة تعميق مآثر عشر ذي الحجة في نفس الحاج، وإروائه من فضائلها، وتغذيته برحماتها، وعونه على استغلال نفحاتها؛ حيث جاء عن النبي صل الله عليه وسلم قوله : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ ، قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»، وقد اجتمع في هذه العشر ما تفرق في غيرها من الأيام من أمهاتِ العبادة من الصلاة والصيام والصدقة والحج، كما أن الله -عز وجل- خصَّ الأشهر الحُرُم بمزيد تأكيد نهي باجتنباب الظلم فيها؛ لكونها أبلغ في الإثم من غيرها -مع حرمة الظلم مطلقًا-، فقال: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾، وأظلم الظلم وأعلاه: صرف العبادة لغير الله -تعالى-، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾.
وحذَّر معاليه من التساهل في رعاية حق هذا الشهر الحرام، وتعظيم حرمته، ومساواته ببقية الشهور، مؤكدًا على وجوب اجتناب المأثم والمغرم في هذا الشهر الحرام، والمسجد الحرام؛ فهو آكد وأبلغ في الإثم، قال تعالى: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾, داعياً عموم المسلمين ولاسيما حجاج بيت الله الحرام؛ باغتنام ما ينفع في الدنيا والآخرة، وفق هدي سيد المرسلين، والنأي عما يسخط الله -عز وجل-؛ وأن ذلك عنوان تعظيم هذا الشهر الحرام، ورعاية قداسة الحرمين الشريفين، مؤكداً أنَّ السماحة واللين مع الزائرين والقاصدين وضيوف الرحمن وإكرامهم؛ ينم على كريم الخُلق، واحترام الإنسان في أشرف زمان وأطهر مكان.