ما حكم مشاركة كورسات الفوتوشوب دون علم صاحبها؟.. الإفتاء تجيب
يبحث الكثير من الشباب عن طرق جديدة لتعلم أمور التكنولوجيا الحديثة، وبأسعار مناسبة.
وفي هذا الإطار، ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الإلكتروني، بشأن حكم مشاركة الكورسات التعليمية، وقال صاحب السؤال :"فهناك مجموعة من الأشخاص يريدون الاشتراك في أحد كورسات تعلم الفوتوشوب، واتفقوا على أن يشترك واحدٌ منهم فقط، ثم يقومون بتوزيع ثمن الكورس عليهم جميعًا، وعند موعد بدء الكورس يجلسون معًا لمشاهدته، وذلك باعتبار أنهم جميعًا شخص واحد، فما حكم ذلك شرعًا؟
وأجابت دار الإفتاء على السؤال قائلة:" لا يجوز شرعًا لغير المشترك إشراك غيره معه في مشاهدة (الكورسات التعليمية) ما لم يأذن صاحبها فيها؛ لأنها من قبيل الحقوق الذهنية الثابتة لأصحابها شرعًا وعرفًا، فإن أذن صاحبها جاز وإلا فلا".
وأوضحت دار الإفتاء، أنه حرص الإسلام على المحافظة على المال، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العُليا التي جاءت الشريعة بتحقيقها وضرورة حفظها، وهي (الدِّين والنفس والعقل والعِرض أو النسل والمال)، وهي مقاصد جاءت بالمحافظة عليها كل الشرائع السماوية؛ كما في "الموافقات" للإمام الشاطبي
وأكدت دار الإفتاء، من محاسن الشريعة أنها ارتقت بها من رتبة الحقوق إلى رتبة الواجبات؛ فلم تكتفِ بجعلها حقوقًا للإنسان حتى أوجبت عليه اتخاذ وسائل الحفاظ عليها.
وأشارت دار الإفتاء إلى أنه من المقرر شرعًا أنَّ كل ما له منفعة وقيمة فهو داخل في معنى المالية، كما نص عليه الفقهاء.
واستشهدت دار الإفتاء بقول الإمام الزَّرْكَشِي في "المنثور في القواعد الفقهية" (3/ 222، ط. أوقاف الكويت): [المالُ ما كان مُنتفعًا به أي مُستَعدًّا؛ لأن يُنْتَفع به وهو إمَّا أعيانٌ أو منافعُ] اهـ؛ فالمالية تشمل ما كان أعيانًا أو منافع أو حقوقًا.
ولفتت دار الإفتاء، إلى أن حقوق الملكية الفكرية والأدبية والفنية وبراءات الاختراع والأسماء والعلامات والتراخيص التجارية (والتي اصطُلِح على تسميتها بالحقوق الذهنية) هي من الحقوق الثابتة لأصحابها شرعًا وعرفًا، سواء أقلنا إنَّها من قبيل الأموال، أم قلنا إنَّها من قبيل المنافع التي تُعَدُّ أموالًا بورود العقد عليها مراعاةً للمصلحة العامة.
وتابعت دار الإفتاء، أنه يجب على طالب الخدمة أن يتقيد بما يحدده مقدموها وأن يلتزم بشروطهم وضوابطهم، ولا يجوز له مشاركة غيره في مشاهدة تلك المادة إلا بإذنهم ورضاهم، وذلك للأدلة الآتية:
واستشهدت دار الإفتاء بقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ».
وأضافت دار الإفتاء أن الطريقة التي تقدم بها هذه الكورسات من خلال إرسال رابط لشخص محدد هو المشترك فقط، يجعل من هذا التصرف معنى الشرط، وكأن مقدمي الخدمة والمشتركين اتفقوا على أنَّه لا يعمل بهذا الرابط إلا المشترك فقط، والأصل في العقود والاتفاقات بين الناس القائمة على التراضي والتوافق- الجواز والصحة، ما لم تحل حرامًا أو تحرم حلالًا، وأنها ملزمة لأطرافها، ليس لأحدهم أن يرجع فيها أو أن يعدلها من تلقاء نفسه، يدل عليه: الأمر المطلق بالوفاء بالعقود في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾