استئناف خدمات شركات الطيران بعد تعطل نظام تكنولوجيا المعلومات العالمي

عادت شركات الطيران إلى العمل تدريجيا اليوم السبت، بعد أن تعرضت شركات الطيران العالمية والبنوك والمؤسسات المالية لحالة من الاضطراب بسبب أحد أكبر الأعطال في تكنولوجيا المعلومات في السنوات الأخيرة، والذي نجم عن تحديث برنامج مكافحة الفيروسات.

وتزايدت أعداد الركاب في المطارات يوم الجمعة في انتظار الأخبار مع إلغاء عشرات الرحلات وبذل المشغلين جهودا حثيثة للحفاظ على سير الخدمات على المسار الصحيح بعد أن تسبب تحديث لبرنامج يعمل على نظام تشغيل مايكروسوفت ويندوز في تعطل الأنظمة في جميع أنحاء العالم.

أعلنت الخطوط الجوية التركية أن العمليات تعود تدريجيا إلى طبيعتها بعد إلغاء 84 رحلة بسبب الانقطاع .

أعلن يحيى أوستون، من الخطوط الجوية التركية، على قناة إكسترا نيوز، أنه "من أجل تجنب أي انقطاع، سيتم إلغاء بعض الرحلات، وستعود رحلاتنا تدريجيا إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن".

وكانت معظم الرحلات الملغاة لشركة الطيران التركية الرائدة رحلات داخلية، وكذلك من وإلى أوروبا.

وقالت العديد من شركات الطيران والمطارات الأميركية في جميع أنحاء آسيا إنها استأنفت عملياتها الآن، مع استعادة خدمات تسجيل الوصول في هونج كونج وكوريا الجنوبية وتايلاند، وعادت إلى وضعها الطبيعي في الغالب في الهند وإندونيسيا ومطار شانغي في سنغافورة اعتبارًا من بعد ظهر يوم السبت.

وقال رئيس مطارات تايلاند كيراتي كيتماناوات للصحفيين في مطار دون موينج في بانكوك "عادت أنظمة تسجيل الوصول إلى وضعها الطبيعي (في المطارات الخمسة الكبرى في تايلاند). لم تعد هناك طوابير طويلة في المطارات كما حدث أمس".

وقالت مايكروسوفت إن المشكلة بدأت في الساعة 1900 بتوقيت جرينتش يوم الخميس، مما أثر على مستخدمي ويندوز الذين يستخدمون برنامج الأمن السيبراني CrowdStrike Falcon.

وقالت شركة "كراود سترايك" إنها أطلقت إصلاحا للمشكلة، وقال رئيس الشركة، جورج كورتز، لقناة "سي إن بي سي" الإخبارية الأميركية إنه يريد "الاعتذار شخصيا لكل منظمة وكل مجموعة وكل شخص تأثر".

وقالت أيضا إن الأمر قد يستغرق بضعة أيام للعودة إلى الوضع الطبيعي.

وقال البيت الأبيض في بيان إن فريق الرئيس الأمريكي جو بايدن يتحدث إلى شركة كراود سترايك والمتضررين من الخلل "وهو على استعداد لتقديم المساعدة حسب الحاجة".

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية "فهمنا هو أن العمليات الجوية استؤنفت في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من استمرار بعض الازدحام".

وأشارت تقارير من هولندا وبريطانيا إلى أن الخدمات الصحية ربما تأثرت بالانقطاع، وهو ما يعني أن التأثير الكامل ربما لا يكون معروفا بعد.

وتأثرت شركات الإعلام أيضا، حيث قالت قناة سكاي نيوز البريطانية إن الخلل أدى إلى إنهاء نشرات الأخبار صباح الجمعة، كما ذكرت قناة إيه بي سي الأسترالية أن هناك صعوبات كبيرة تواجهها.

وبحلول يوم السبت، عادت الخدمات في أستراليا إلى طبيعتها في الغالب، لكن مطار سيدني لا يزال يبلغ عن تأخيرات في الرحلات الجوية.

حذرت السلطات الأسترالية من زيادة محاولات الاحتيال والتصيد الاحتيالي في أعقاب الانقطاع، بما في ذلك قيام الأشخاص بعرض المساعدة في إعادة تشغيل أجهزة الكمبيوتر وطلب معلومات شخصية أو تفاصيل بطاقة الائتمان.

وأعلنت البنوك في كينيا وأوكرانيا عن مشاكل في خدماتها الرقمية، في حين تعطلت بعض شركات الهاتف المحمول وانخفضت خدمات العملاء في عدد من الشركات.

وقال جوناد علي من معهد الهندسة والتكنولوجيا البريطاني إن "حجم هذا الانقطاع غير مسبوق، ولا شك أنه سيُسجل في التاريخ"، مضيفًا أن آخر حادث يقترب من نفس الحجم كان في عام 2017.

فوضى الطيران

وفي حين أوقفت بعض المطارات جميع الرحلات الجوية، لجأ موظفو شركات الطيران في مطارات أخرى إلى التسجيل اليدوي للركاب، مما أدى إلى طوابير طويلة وإحباط المسافرين.

أمرت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية في البداية بوقف جميع الرحلات الجوية "بغض النظر عن وجهتها"، على الرغم من أن شركات الطيران قالت في وقت لاحق إنها أعادت خدماتها وتعمل على معالجة المتأخرات.

قالت شركة إنديغو، أكبر شركة طيران في الهند، إن العمليات "تم حلها"، وذلك في بيان نُشر على موقع X.

وقالت الشركة يوم السبت "بينما تم حل الانقطاع وعادت أنظمتنا إلى العمل، فإننا نعمل بجد لاستئناف العمليات العادية، ونتوقع أن تمتد هذه العملية إلى نهاية الأسبوع".

وقال أحد الركاب لوكالة فرانس برس إن الوضع عاد إلى طبيعته في مطار نيودلهي بحلول منتصف ليل السبت مع تأخيرات طفيفة فقط في الرحلات الدولية.

قالت شركة طيران آسيا منخفضة التكلفة إنها لا تزال تحاول استعادة الاتصال بالإنترنت، وإنها "تعمل على مدار الساعة لاستعادة أنظمة التحكم في المغادرة" بعد الانقطاع العالمي. وأوصت الركاب بالوصول مبكرًا إلى المطارات والاستعداد "للتسجيل اليدوي" عند مكاتب شركات الطيران.

وقالت وسائل إعلام رسمية صينية إن مطارات بكين لم تتأثر.

وفي أوروبا، أعلنت المطارات الكبرى، بما في ذلك مطار برلين، التي علقت جميع الرحلات الجوية في وقت سابق من يوم الجمعة، استئناف عمليات المغادرة والوصول.

"قضية مشتركة"

وتركت الشركات تعمل على إصلاح أنظمتها ومحاولة تقييم الأضرار، في حين حاول المسؤولون تهدئة الذعر من خلال استبعاد احتمال وقوع عمل إرهابي.

وقال كورتز من شركة كراود سترايك في بيان إن فرقه "مستعدة بالكامل" لمساعدة العملاء المتضررين و"تم نشر إصلاح".

لكن أولي باكلي، الأستاذ بجامعة لوفبرا البريطانية، كان واحداً من العديد من الخبراء الذين شككوا في مدى سهولة طرح حل مناسب.

وقال "في حين أن المستخدمين ذوي الخبرة يمكنهم تنفيذ الحل البديل، فإن توقع أن يقوم الملايين بذلك هو أمر غير عملي".

وقال خبراء آخرون إن الحادث يجب أن يدفع إلى إعادة النظر على نطاق واسع في مدى اعتماد المجتمعات على عدد قليل من شركات التكنولوجيا في مثل هذه المجموعة من الخدمات.

وقال جون ماكديرميد، أستاذ بجامعة يورك في بريطانيا: "يجب أن ندرك أن مثل هذه البرامج يمكن أن تكون سبباً شائعاً لفشل أنظمة متعددة في نفس الوقت".

وقال إن البنية التحتية يجب أن تكون مصممة "لكي تكون قادرة على الصمود في مواجهة مثل هذه المشاكل ذات الأسباب المشتركة".