واشنطن والمأزق الفلسطيني الإسرائيلي.. حليف أم متفرج في ساحة المعركة؟
قال دانيال ليفي، المفاوض الإسرائيلي السابق، إن الفلسطينيين والإسرائيليين يرتكبون خطأً فادحًا بالاعتماد على واشنطن لحل نزاعاتهم. منذ السابع من أكتوبر، تنفذ إسرائيل عدوانًا واسع النطاق على قطاع غزة، ما أسفر عن دمار هائل، مجازر مروعة، ومعاناة إنسانية لا توصف.
ورغم استمرار العدوان، تظل واشنطن، الحليف الأقوى لإسرائيل، في موقع المتفرج، بل وقد يُنظر إليها كمشاركة غير مباشرة في هذه الحرب. ورغم قدرتها على إيقاف النزاع، فإنها لم تتخذ خطوات ملموسة لتحقيق ذلك. لماذا؟
السبب الأول، أن هذه الحرب تُعتبر حربًا أمريكية أيضًا. على الرغم من محاولة واشنطن التظاهر بأنها وسيط محايد، فإن الحقائق على الأرض تعكس تواطؤًا واضحًا. فقد سارع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى زيارة إسرائيل، مؤكدًا دعمه، لكنه حذر من أن "احتلال غزة سيكون خطأً فادحًا". ومع ذلك، تجاهلت إسرائيل التحذيرات واستمرت في عدوانها، محتلة غزة ومغتصبة رفح.
لماذا تصر واشنطن على هذا الموقف؟ السبب ببساطة هو أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها طرفًا في الصراع. العلاقات بين واشنطن وتل أبيب تمتد لعقود من الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي، وكلما زادت حاجة إسرائيل إلى الولايات المتحدة، زادت الأخيرة تمسكًا بها كحليف في منطقة الشرق الأوسط.
ورغم أن واشنطن تملك القدرة على إيقاف الحرب، إلا أن هناك سببين رئيسيين وراء موقفها الراهن. أولاً، هناك تيار قوي داخل الإدارة الأمريكية يرى أن دعم إسرائيل ضرورة استراتيجية لمواجهة النفوذ الإيراني. ثانيًا، هناك ضغوط داخلية من الحزب الديمقراطي والناخبين الأمريكيين ضد الدعم غير المشروط لإسرائيل. ولكن حتى الآن، لم يتغير الموقف الأمريكي بشكل فعلي.
يبدو أن إدارة بايدن تتبنى موقفًا سياسيًا حذرًا، خشية أن تؤدي أي خطوات ضد إسرائيل إلى خسارة انتخابية محتملة في الانتخابات القادمة، خاصة في ظل المعارضة الجمهورية المتشددة الداعمة لإسرائيل.
لكن هل بإمكان واشنطن فعلاً إيقاف الحرب؟ الإجابة هي نعم، بلا شك. تمتلك الولايات المتحدة أوراق ضغط قوية يمكنها استخدامها لفرض وقف إطلاق النار. يبدو أن واشنطن ليست عاجزة عن إيقاف النزاع، بل غير راغبة في ذلك. طالما ترى واشنطن أن هذه الحرب تصب في مصلحتها، ستستمر في دعم إسرائيل. لذا، فإن البحث عن السلام يجب أن يركز على الحلول الإقليمية بدلاً من الاعتماد على واشنطن.