عملية اغتيال نصر الله.. كيف نجحت الاستخبارات الإسرائيلية في اختراق «حزب الله»؟
بعد أكثر من شهر من انتهاء الحرب الإسرائيلية في لبنان، بدأت تتكشف تفاصيل جديدة حول الأساليب الاستخباراتية المتقدمة التي استخدمتها إسرائيل لاختراق بنية "حزب الله"، والتي أدت في نهاية المطاف إلى اغتيال زعيم الحزب حسن نصر الله.
في تقرير مطوّل نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، كشفت الصحيفة عن المعلومات الاستخباراتية التي شاركتها إسرائيل مع حلفائها الغربيين، مشيرة إلى أن نصر الله لم يكن يتوقع استهدافه بالاغتيال من قبل إسرائيل، رغم المراقبة الدقيقة التي كانت تتبع تحركاته.
نصر الله واستخفافه بالخطر
بحسب التقرير، كان نصر الله يقيم في قاعدة محصّنة تقع على عمق 40 قدمًا تحت الأرض في يوم اغتياله، الذي وقع في 27 سبتمبر 2024. ومع ذلك، تجاهل تحذيرات مساعديه بضرورة الانتقال إلى موقع أكثر أمانًا. وكان يعتقد أن إسرائيل ليست مهتمة بالحرب الشاملة ضد لبنان، غير مدرك تمامًا أن وكالات الاستخبارات الإسرائيلية كانت تتابع تحركاته عن كثب منذ سنوات.
ووصفت الصحيفة عملية اغتيال نصر الله بأنها تتويج لعقدين من العمل الاستخباراتي المنهجي من قبل إسرائيل، حيث جمعت العملية بين التكنولوجيا المتطورة والهجمات العسكرية المكثفة، والتي كانت تهدف إلى القضاء على قيادات "حزب الله" والحد من قدراته العسكرية.
اختراق عميق لبنية "حزب الله"
أوضح التقرير أن إسرائيل تمكنت من اختراق "حزب الله" على عدة مستويات. فقد قامت الوحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بجمع معلومات مفصّلة حول مواقع القادة، مخابئ الأسلحة، والصواريخ التابعة للحزب. إضافة إلى ذلك، نجح الموساد في تجنيد عملاء داخل لبنان، ممن قدموا معلومات حيوية عن تحركات الحزب ومواقعه السرية.
وأظهرت التقييمات الإسرائيلية أن "حزب الله" سيحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة بناء نفسه بعد خسارته نصر الله وعدد من كبار قادته. وأشار الخبراء إلى أن الجيل الحالي من قيادات الحزب يفتقر إلى الخبرة القتالية التي كانت يمتلكها الجيل السابق، وهو ما يراه البعض نقطة ضعف ستستغلها إسرائيل في المستقبل.
دروس من حرب 2006
استفادت إسرائيل من تجربتها السابقة في حرب 2006 التي وصفتها الصحيفة بـ"الطريق المسدود"، حيث فشلت في تحقيق أهدافها الرئيسية في تلك الحرب. ومع ذلك، تمكنت إسرائيل من زرع أجهزة تعقب على صواريخ "حزب الله"، وهو ما أسهم بشكل كبير في تحسين قدراتها الاستخباراتية خلال السنوات التالية. هذه التجربة كانت بمثابة نقطة تحول ساعدت إسرائيل على بناء قدرة أكبر على متابعة تحركات "حزب الله" والتعرف على خطط الحزب المستقبلية.
وأكد التقرير أن إسرائيل تعتبر "حزب الله" التهديد المباشر الأكبر لها، رغم الهجوم المفاجئ لحركة "حماس" في أكتوبر 2024، الذي أثبت أن الأخطار قد تأتي من اتجاهات غير متوقعة. كما أشار إلى أن المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها إسرائيل جعلتها واثقة من قدرتها على مواجهة تهديدات "حزب الله" في المستقبل.
نجاح تكتيكي.. ولكن التحديات مستمرة
فيما يعتبر محللون إسرائيليون أن نجاح عملية اغتيال نصر الله يعد انتصارًا تكتيكيًا كبيرًا، فإنهم لا يعتقدون أن هذا يعني نهاية التحديات التي تواجهها إسرائيل. فالحزب سيعمل على إعادة تسليح نفسه مجددًا، مما يجعل المواجهة المقبلة مع إسرائيل مسألة وقت فقط.