اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

أستاذ بالأزهر الشريف: العلماء إذا أخطأوا في الإجابة فإنهم يتعرضون للضرر والجهل

الدكتور محمد مهنا
الدكتور محمد مهنا

قال الدكتور محمد مهنا، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إن الجهل في بعض الأحيان يكمن في المبالغة في الإجابة عن كل شيء أو التظاهر بالإحاطة بكل الأمور، مشيرًا إلى أن هذا النوع من التصنع يظهر بوضوح فيمن يحاول دائمًا الإجابة عن كل ما يُسأل، رغم أن القرآن الكريم أشار إلى أن العلم الذي أوتيه الناس قليل، كما قال تعالى: "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا".

وأضاف الأستاذ بجامعة الأزهر، ببرنامج "الطريق إلي الله"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن الإجابة عن كل شيء قد تكون نوعًا من التكلف، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا، حيث قال "أنا وبراء من التكلف"، لافتا إلى أن العلماء الكبار مثل سيدنا الغزالي وغيره من السلف كانوا يتحاشون أن يفتي أحدهم في أمر لا يعلم فيه، بل كانوا يوجهون السائل إلى غيرهم خشية من أن يضلوا في الفتوى، ويقولون: "لا أدري".

وأشار إلى أن العلماء إذا أخطأوا في الإجابة، فإنهم يتعرضون للضرر والجهل، معتبرًا أن "ثلثي العلم في لا أدري"، وتلك قاعدة مهمة في فهم العلم وتقدير الموقف، كما ذكر مثال الإمام مالك الذي أجاب عن ثلاث مسائل فقط من أصل 32 سئل عنها، وقال عن باقي المسائل "لا أدري"، وهذا كان من تواضعه وحرصه على أن يكون الجواب دقيقًا وعادلًا.

وأكد أن الإجابة عن كل سؤال قد تضر أحيانًا إذا كانت غير لائقة للسائل أو لم تكن في مكانها، حيث قد تسبب الحيرة أو الانكار، وبهذا المعنى، أشار إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها"، مشددًا على ضرورة أن تكون الفتوى أو الإجابة في مكانها الصحيح ومع من يفقهها ويقدّرها.

وشدد على أن يتحلى الجميع بالتواضع، فلا نعرض إجابات في موضوعات لا نفقهها تمامًا، وأن نعترف بحدود علمنا وأن القول "لا أدري" هو من أسمى درجات الحكمة في العلم.

وفي وقت سابق أكد الدكتور محمد مهنا، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أن "سمات العارفين" تتجسد في مجموعة من الصفات الروحية والأخلاقية التي تميزهم عن غيرهم في سيرهم مع الله تعالى، موضحا أن العارفين هم الذين يتصفون بوجود "الرضا بالله"، حيث يكون رضاهم عن الله سبحانه وتعالى راسخًا في سرهم وعلنهم، مهما كانت الظروف أو الأوقات.

وقال الأستاذ بجامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج "الطريق إلى الله"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: "العارف دائمًا راضٍ عن الله، في سري وفي علني، راضٍ بما قسمه الله له، وهذا الرضا يجعل العارف دائمًا في حالة من السكون والطمأنينة، فهو لا يتزعزع مهما كانت التحديات التي يواجهها، إن كان في خير أو شر، فهو راضٍ بقضاء الله وقدره، وهذا الرضا هو أول علامة من علامات العارفين."

أضاف أن ثاني علامات العارفين هي: "ترك الأعراض والحظوظ"، فالعارف يتوجه إلى الله تعالى بكل قلبه، ولا يتعلق بغير الله من حظوظ الدنيا أو شهوات النفس، قائلاً: "النفس المؤمن مشغولة دائمًا بحقوق الله، ولا يسمح للأعراض أن تُلهيه عن الله، العارف لا يعرض عن الله أو يتوجه إلى شيء آخر لأنه متوجه لوجه الله الكريم."

أما ثالث علامة من سمات العارفين فهي "دوام الحضور بين يدي الله"، مشيرا إلى أن العارف لا ينقطع عن ذكر الله، ولا يعيش إلا في حالة من الفاقة المستمرة إلى الله، لا يكون قلبه متعلقًا بغير الله تعالى، ويظل في حاجة دائمة له دون انقطاع، العارف لا يشعر بالسكون في قلبه إلا عندما يكون مع الله، فهو دائمًا في اضطرار وافتقار لله تعالى.