فشل جهود ماكرون لتوحيد الموقف الأوروبي بشأن السلام في أوكرانيا

فشلت الجهود التي قادتها فرنسا لتوحيد الموقف الأوروبي لدعم السلام في أوكرانيا، وسط مخاوف من تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي دفع نحو بدء مفاوضات مع الرئيس الروسي بوتين، في قمة محتملة قد تحتضنها السعودية.
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اجتماع طارئ في بروكسل بعد صدمة زعماء أوروبا بسبب أنباء عن بدء مفاوضات أمريكية مع روسيا دون دعوة أي ممثلين من أوروبا أو أوكرانيا. ورغم الاجتماع الذي استمر نحو ثلاث ساعات ونصف في قصر الإليزيه، لم يتوصل الزعماء الأوروبيون إلى أفكار مشتركة جديدة، واختلفوا بشأن إرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا.
وفي منشور عبر "إكس"، أكد ماكرون أنه يعمل مع جميع الأطراف من أجل سلام دائم في أوكرانيا، مشددًا على ضرورة إنهاء روسيا عدوانها وتقديم ضمانات أمنية للأوكرانيين. وأضاف أنه مقتنع بضرورة تعزيز استثمارات الأوروبيين في أمنهم ودفاعهم بشكل مشترك، وتسريع تنفيذ أجندة السيادة والأمن التي تم تحديدها في قمة فرساي 2022.
أرسلت الولايات المتحدة استبياناً إلى الدول الأوروبية لتحديد استعداداتها لفرض اتفاق سلام مع توضيح ما تتوقعه من الولايات المتحدة، لكن لم يكن هناك توافق في الآراء.
وأبرزت مجلة "بوليتيكو" الخلافات الأوروبية خلال الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه ماكرون، حيث كان النقاش حول إرسال قوات إلى أوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام. ترامب استبعد إرسال قوات أمريكية، مشيراً إلى أن الدفاع عن أوكرانيا من هجوم روسي مستقبلي يجب أن يتحمله الأوروبيون.
رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أكد أن مثل هذه الاجتماعات لا تؤدي إلى قرارات ملموسة، معترضاً على إرسال قوات بولندية إلى أوكرانيا بسبب حدود البلاد الطويلة مع روسيا وبيلاروس. كما صرح مسؤول بولندي رفيع بأن بولندا بحاجة إلى تعزيز قواتها على الحدود بدل إرسال جنود إلى أوكرانيا.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أكدا أن أوكرانيا تستحق السلام بالقوة. فرنسا وبريطانيا توافقا على ذلك، رغم تأكيد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على ضرورة مشاركة الولايات المتحدة في أي قوة لحفظ السلام.
من جانبه، قال المستشار الألماني أولاف شولتز إن الحديث عن إرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا لا يزال "سابقاً لأوانه" في ظل استمرار الحرب.
اتفق الزعماء على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي، الذي شهد تزايدًا مستمرًا في العقد الأخير. أقر ستارمر بأن الأوروبيين سيتعين عليهم تعزيز جهودهم من حيث الإنفاق والقدرات المقدمة لأوكرانيا، فيما أشار توسك إلى دخول العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة، مع زيادة الوعي الأوروبي بالحاجة إلى المزيد من الإنفاق على الدفاع والاعتماد على الذات.
وقال رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف إن أوروبا فهمت رسالة الولايات المتحدة بضرورة فعل المزيد بنفسها، رغم أنه لا يزال من المبكر إبرام اتفاقيات ملموسة. من جانبه، جدد شولتز دعمه لمقترح الاتحاد الأوروبي بتفعيل بند الطوارئ لزيادة الإنفاق الدفاعي، وهو ما دعمته فون دير لاين في مؤتمر ميونيخ للأمن.
ورغم القلق الذي ساد القمة بعد الانتقادات الأمريكية الحادة ضد الديمقراطية الأوروبية، فضل معظم القادة عدم الانفصال علنًا عن الولايات المتحدة، التي كانت حجر الزاوية لأمن القارة منذ عام 1945.