من الإيواء للدعم النفسي.. مبادرات متكاملة لمساندة النازحين في طولكرم

في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على مدينة طولكرم ومخيميها، طولكرم ونور شمس، وما رافقه من هدم وتهجير قسري، تواصلت الجهود المجتمعية والإنسانية لدعم العائلات النازحة.
منذ بدء العدوان في 27 يناير، شكل محافظ طولكرم، عبد الله كميل، لجنة "الكرامة والإغاثة" لتعزيز صمود المواطنين، وبتوجيهات من الرئيس محمود عباس، تم فتح مراكز طارئة لإيواء العائلات النازحة من مخيم طولكرم، تبعها نزوح آخر من مخيم نور شمس.
كما سارعت عدة محافظات، بتوجيهات من الرئيس، إلى إرسال قوافل إغاثة لدعم شعبنا في طولكرم، وسط تضافر جهود المؤسسات، الفصائل الوطنية، وفرق المتطوعين لتوفير المستلزمات الأساسية من فرشات، أغطية، أدوية، ومواد غذائية للنازحين.
تم تأمين أماكن إيواء مؤقتة للنازحين في قاعات ومدارس ومساجد وجمعيات بالمحافظة، إضافة إلى تطوع مواطنين لفتح بيوتهم للنازحين، فيما توجه البعض إلى منازل أقاربهم في تضامن شعبي ملحوظ.
وبحسب المعطيات الرسمية، بلغ عدد النازحين من مخيمي طولكرم ونور شمس أكثر من 16 ألف نازح، منهم حوالي 11 ألف من مخيم طولكرم و5500 من مخيم نور شمس. كما استضافت بلدة كفر اللبد نحو 750 نازحًا موزعين بين مراكز إيواء ومنازل خاصة.
ووفقًا للمتطوع صهيب جبعيتي، منسق لجنة الإغاثة في البلدة، كان الوضع في البداية صعبًا للغاية، حيث خرج النازحون بأقل ما لديهم بعد تدمير منازلهم. وتعاون الجميع، من بلدية ومؤسسات وأهل الخير، لتلبية احتياجات النازحين اليومية.
وأكد جبعيتي أن الجهود تركز حاليًا على توفير البطانيات، الفرشات، المواد الغذائية، والمستلزمات الطبية، خاصة مع دخول المنخفضات الجوية. كما أشار إلى مبادرات تطوعية لإلحاق الأطفال في حصص تعليمية وتوفير مستلزمات تعليمية لهم، مع توجه لدمجهم مؤقتًا في مدارس البلدة.
بادرت مدارس في قرى طولكرم لاستقبال مئات من الطلاب النازحين من مدينة طولكرم ومخيميها بسبب العدوان الإسرائيلي. مثال على ذلك، مدرسة دير الغصون الثانوية التي استقبلت 21 طالبة من مخيمي طولكرم ونور شمس، بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم.
قال مدير عام التربية والتعليم في طولكرم، مازن جرار، إن النزوح الكبير نتيجة العدوان استدعى استيعاب الطلاب في مدارس المحافظة، خاصة في المناطق الشمالية والشرقية، بعد إغلاق الاحتلال للبوابة الحديدية التي تفصل المدينة عن القرى الجنوبية.
وأضاف أنه تم استضافة 700 طالب وطالبة وتوفير احتياجاتهم من الكتب والقرطاسية، بالإضافة إلى تنفيذ أنشطة للتخفيف من آثار الصدمة النفسية.
كما تم تقديم تبرعات من مدارس في قرية كفر عبوش وقلقيلية، تشمل طرودًا غذائية للطلاب النازحين، الذين عانوا من مشاق التنقل في ظل إغلاق الاحتلال لبوابة جسر جبارة.
تقدم فرق الهلال الأحمر والإغاثة الطبية الدعم الصحي والنفسي للنازحين من خلال زيارات يومية لمراكز الإيواء، حيث يتم إجراء الفحوصات الطبية، توفير الأدوية، تقديم الإسعافات النفسية الأولية للأطفال، وتوزيع مستلزمات صحية للنساء.
وتقول منسقة الإغاثة الطبية، نهريز عوفي: "نواصل تقديم الخدمات الأساسية لتخفيف الضغط النفسي على النازحين، خاصة الأطفال، عبر أنشطة للتفريغ النفسي والإرشاد."
وتضيف: "الأوضاع صعبة والاحتياجات تفوق الإمكانيات المتاحة، ولكننا نواصل العمل مع المتطوعين لتوفير احتياجات النازحين."
كما تنفذ لجان الإغاثة والطوارئ المحلية في القرى والبلدات المستضيفة أيامًا طبية مجانية بالتنسيق مع جمعية أطباء لحقوق الإنسان، تشمل الفحوصات الطبية وتقديم العلاج والأدوية.
مع اقتراب مرور شهر على العدوان على طولكرم، وزيادة أعداد العائلات التي فقدت منازلها بسبب التهديدات والتهجير القسري، بدأت جمعيات خيرية ومؤسسات رسمية وشعبية في طولكرم والضفة الغربية بإطلاق حملات إغاثية لتلبية احتياجات النازحين الأساسية. كما تم تنظيم حملات لجمع التبرعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم المساعدات.
ناشطات ومتطوعات في حملات الإغاثة أكدن على ضخامة المعاناة، مشيرات إلى جهودهن في تقديم الدعم النفسي وتأمين احتياجات النساء والأطفال من ملابس وطعام وأدوية. وفي الوقت نفسه، تتواصل الدعوات الوطنية للتضامن ودعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الهدم والتهجير القسري.
ورغم هذه المبادرات، تظل غير كافية أمام تفاقم الأزمة، ما يستدعي تدخلا دوليا عاجلا لوقف العدوان الإسرائيلي وإنهاء معاناة الأهالي. وأسفر العدوان عن استشهاد 12 مواطناً، بينهم طفل (7 أعوام) وامرأتان، إحداهما حامل في الشهر الثامن.