المرأة الفلسطينية في مواجهة العدوان.. مأساة متجددة وأعباء متزايدة

تواجه المرأة الفلسطينية أوضاعاً كارثية نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، حيث أصبحت هدفاً رئيسياً للهجمات المباشرة والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الحرب، لا سيما في قطاع غزة. وأفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن النساء يشكّلن جزءاً كبيراً من ضحايا العدوان، حيث استشهدت 12,316 امرأة من بين 48,346 شهيداً، فيما تشكّل النساء 69% من إجمالي الإصابات البالغ عددها 111,759 جريحاً.
بالإضافة إلى ذلك، فقدت آلاف النساء أسرهن، وأصبحن المعيلات الوحيدات لعائلاتهن، حيث تُظهر البيانات أن 13,901 امرأة تحمّلن مسؤولية إعالة أسرهن بعد فقدان الأزواج والأقارب، وسط ظروف اقتصادية خانقة ونقص حاد في الموارد الأساسية. كما ارتفع عدد النساء المفقودات في قطاع غزة إلى 14,222 امرأة، في ظل استمرار القصف والدمار واسع النطاق.
النساء في مواجهة التشريد
تسببت الغارات الإسرائيلية في تدمير 437,600 وحدة سكنية، ما أدى إلى تهجير مئات الآلاف من العائلات الفلسطينية، حيث وجدت النساء أنفسهن في مواجهة قاسية مع واقع النزوح، إذ يعشن في خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة، وسط غياب الأمان والخصوصية. هذا الوضع دفع العديد منهن إلى مواجهة تحديات نفسية وصحية خطيرة، مع عدم توفر الرعاية الطبية والخدمات الأساسية.
واقع صحي متدهور
يُظهر تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 15 طفلاً يومياً يتعرضون لإصابات خطيرة قد تؤدي إلى إعاقات دائمة نتيجة استخدام الأسلحة المتفجرة. وتشير التقديرات إلى أن هناك 7,065 طفلاً تعرضوا لإعاقات مختلفة بسبب العدوان، ما يُضاعف من العبء على الأمهات اللاتي يجدن أنفسهن في مواجهة تحديات الرعاية في ظل انهيار النظام الصحي، وانعدام الأدوية والمستلزمات الطبية بفعل الحصار الإسرائيلي.
قمع واعتقالات متزايدة
لم تقتصر معاناة المرأة الفلسطينية على قطاع غزة فحسب، ففي الضفة الغربية، استشهد 923 فلسطينياً منذ 7 أكتوبر 2023، بينهم 26 امرأة، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية والممارسات الاستيطانية المتصاعدة. كما ارتفع عدد المعتقلات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية إلى 266 أسيرة خلال عام 2024، ليصل العدد الإجمالي إلى أكثر من 450 حالة منذ بدء العدوان الأخير.
رمز للصمود رغم المآسي
تشكل النساء الفلسطينيات نحو 49% من إجمالي عدد السكان، بإجمالي 2.71 مليون امرأة، يواجهن التحديات المتزايدة التي فرضها الاحتلال. ومع ذلك، ما زلن يلعبن دوراً حيوياً في المجتمع الفلسطيني، سواء من خلال الإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو من خلال الصمود أمام الضغوط والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة.
معاناة مستمرة وأمل لا ينكسر
رغم قسوة الظروف وفقدان الأمان، تظل المرأة الفلسطينية نموذجاً للصمود، إذ تواجه التهجير، والحرمان، وفقدان الأحبة، لكنها تستمر في أداء دورها في المجتمع، مُتشبثة بالأمل، ومتمسكة بحقها في الحياة الكريمة. وفي ظل غياب أي حلول ملموسة لإنهاء العدوان، يبقى الوضع الإنساني في تدهور مستمر، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً لحماية النساء الفلسطينيات، وضمان حقوقهن الأساسية في العيش بأمان وكرامة.