اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
في ملابسات وفاة الأسطورة مارادونا.. لا يزال اللغز مجهولاً ومحبوه يطالبون بتحقيق العدالة زيلينسكي يعترف بوجود قوات أوكرانية داخل روسيا.. تحول نوعي في الحرب أم رسالة سياسية؟ مصر وفرنسا يوقعان العديد من الاتفاقات في مختلف المجالات على هامش زيارة ماكرون للقاهرة عرض عسكري في عيد ميلاد ترمب؟ جدل بين البيت الأبيض وواشنطن حول التكلفة والدلالات الجزائر ومالي .. أزمة دبلوماسية وتبادل حظر المجال الجوي بينهما تفاصيل المبادرة المصرية الجديدة لوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة تجنباً لغضب ترامب.. فصائل عراقية مدعومة من إيران مستعدة لنزع سلاحها تصعيد بلا سقف.. بكين ترفض الابتزاز الأمريكي وتتعهد بحماية مصالحها بكل الوسائل أوكرانيا تدعو لعقد اجتماع لمجلس الأمن بعد هجوم روسي دام.. وترامب يعرب عن استيائه «قبل ضرب النووي الإيراني».. أمريكا تحصن سماء إسرائيل بـ«ثاد» أوروبا تستعد لحرب تجارية ضد رسوم ترامب.. والمفوضية: «سنقاتل من أجل مصالحنا» حرب ترامب التجارية| هل تنضم كندا إلى الاتحاد الأوروبي؟

ضغوط أوروبية على ميلوني.. خيارات صعبة في الحرب التجارية عبر الأطلسي

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


تواجه رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، ضغوطًا متزايدة من شركاء بلادها في الاتحاد الأوروبي للانخراط بشكل حاسم في الحرب التجارية عبر الأطلسي، التي أصبحت محورية في العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. في هذا السياق، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة في الرد على الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بعض صادراته، ويكمن الموقف الإيطالي في نقطة حرجة بسبب علاقات ميلوني الودية مع ترامب ورفضها لفرض عقوبات تجارية واسعة على الولايات المتحدة.
تعارض ميلوني بشدة التحرك الفرنسي-الألماني الذي يدعو إلى تصعيد الرد الأوروبي على ما يسمى بـ"الرسوم القائمة على أساس المعاملة بالمثل"، التي تصل إلى 20% على صادرات الاتحاد الأوروبي. فرنسا وألمانيا، إلى جانب دول أخرى مثل إسبانيا وبلجيكا، يدفعون باتجاه استخدام "البازوكا" Bazooka، وهي أداة اقتصادية قوية تهدف إلى التصعيد ضد الولايات المتحدة. وهي تشمل تدابير مثل فرض قيود على التجارة أو تقييد الوصول إلى السوق الأوروبية لبعض الشركات الأمريكية.
وفي هذا الإطار، يعتبر البعض أن ميلوني، بحكم حجم إيطاليا السياسي والاقتصادي، ستكون "العضو الحاسم" في إعاقة هذا التحرك. ويشير دبلوماسيون أوروبيون إلى أن ميلوني، رغم موقفها المبدئي الرافض للرسوم، ستكون في مرحلة معينة مضطرة لاختيار جانب معين بين الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما قد يؤثر على موقف إيطاليا ضمن الاتحاد.
في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز"، وصفت ميلوني فكرة أنها مضطرة للاختيار بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنها "طفولية" و"سطحية". وأكدت أنها ستستمر في الدفاع عن مصالح إيطاليا، مشيرة إلى أنها لا تعتبر ترامب خصمًا، بل ترى فيه "حليفًا" لإيطاليا في ضوء العلاقة الخاصة بين البلدين. وأوضحت ميلوني أنها تتفهم الزعماء الذين يفضلون الدفاع عن مصالحهم الوطنية، وهو الموقف الذي تتبناه شخصيًا كقائدة إيطالية.
لكن رغم موقفها الشخصي، لم تتردد ميلوني في انتقاد القرار الأمريكي بفرض الرسوم الجمركية على صادرات الاتحاد الأوروبي، واصفة إياه بأنه "خاطئ". لكنها في الوقت ذاته دعت إلى التهدئة والبحث عن تسوية، محذرة من أن التصعيد في النزاع التجاري قد يؤدي إلى مزيد من الأضرار للاقتصادات الأوروبية.
رغم أن ميلوني كانت من أبرز منتقدي الاتحاد الأوروبي عندما كانت في المعارضة، فإن موقفها السياسي قد تغير منذ وصولها إلى الحكم. من جانب آخر، يشير الدبلوماسيون إلى أن هشاشة الوضع الاقتصادي الإيطالي، الذي يعاني من مستويات مرتفعة من الدين والعجز، قد يكون أحد الأسباب التي تجعل ميلوني تفضل التعاون مع الاتحاد الأوروبي بدلاً من التصعيد مع شركائها في القارة.
وتكمن معضلة ميلوني في أن أي تحرك أوروبّي ضد الولايات المتحدة قد يؤدي إلى فرض المزيد من الأضرار على الاقتصاد الإيطالي، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكي. ومن هنا، يشعر العديد من رجال الأعمال في إيطاليا بالقلق من أن أي تصعيد مع واشنطن قد يكون له تداعيات سلبية كبيرة على صادرات بلادهم.
من جانب آخر، يبرز رأي المستشار الاقتصادي الإيطالي ماركو سيموني، الذي يرى أن أي رد فعل انتقامي ضد الولايات المتحدة قد يكون ضارًا على المدى الطويل. إذ يشير إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصادرات الأوروبية ستضر الاقتصاد الأمريكي، وقد يؤدي ذلك إلى دخول الولايات المتحدة في ركود اقتصادي، وهو ما سيرغّم الشركات الأمريكية على الضغط على الحكومة للتراجع عن هذه التدابير.
في هذا السياق، يشير سيموني إلى أنه من الأفضل لإيطاليا تجنب التصعيد مع الولايات المتحدة، لأن هذا قد يتيح لترامب استغلال الموقف في الدعاية الانتخابية لصالحه، خاصة في حالة تراجع الاقتصاد الأمريكي.
في المقابل، عبر الملياردير الأمريكي إيلون ماسك عن دعمه لفكرة إقامة "منطقة تجارة حرة" بين الولايات المتحدة وأوروبا خالية من الرسوم الجمركية. وأعرب ماسك، الذي يمتلك علاقات وثيقة مع الأحزاب اليمينية في أوروبا، عن أمله في أن يؤدي هذا التوجه إلى تسهيل التجارة بين الجانبين، وتخفيف حدة النزاعات الاقتصادية.
في ظل هذه التوترات، سيظل الاتحاد الأوروبي أمام خيار صعب. فإذا لم تُسفر المفاوضات مع الولايات المتحدة عن نتائج ملموسة في الأسابيع المقبلة، قد يُضطر الاتحاد إلى اتخاذ تدابير ردعية على مستوى الكتل التجارية الكبرى، وهو ما سيضع ميلوني أمام تحدي حاسم لاختيار موقفها بين الاتحاد الأوروبي والمصالح الأمريكية.
كما هو الحال الآن، يبدو أن ميلوني تسعى لتحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على العلاقة القوية مع الولايات المتحدة، وتفادي تصعيد المواجهة مع شركائها الأوروبيين. ولكن في النهاية، قد يكون تأثير النزاع التجاري طويل الأمد على الاقتصاد الإيطالي هو العامل الحاسم في اتخاذ القرارات النهائية بشأن موقفها في هذه الحرب التجارية.