إيطاليا تناقش الهجرة مع ليبيا.. وتدعوها لمجموعة ”عملية روما”
جاءت زيارة رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا مليوني إلى ليبيا لعدة اهداف ذات أبعاد أمنية بدرجة أولى، حيث كثف أوروبيو الضفة الجنوبية للبحر المتوسط لقاءاتهم مع أطراف الأزمة في ليبيا غرباً وشرقاً، في إشارة جديدة على اهتمامهم بتحقيق انفراجة في إجراء الانتخابات انتخابات الليبية.
وهنا يمكن وضع زيارة رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني الأخيرة إلى ليبيا ولقاءاتها مع المسؤولين في غرب البلاد وشرقها في هذا الإطار، ومن أبرز تلك الهواجس مخاطر تدفق المهاجرين غير النظاميين، وتكهنات توسع الوجود الروسي، ومن جانب آخر محاولة جمع النقاط لخوض الاستحقاق الانتخابي الأوروبي القادم.
دلالات زيارة ميلوني للرجمة
وقالت تقارير إيطالية إن هناك انخفاضاً حاداً في حركة تدفق المهاجرين غير الشرعيين من سواحل ليبيا الغربية، بينما انتعش خط جديد منذ قرابة العام من شرقها باتجاه الجنوب الأوروبي، ما جعل زيارة ميلوني إلى الرجمة مقر المشير خليفة حفتر في بنغازي، وهي الأولى من نوعها منذ انتخابها، تحمل الكثير من الأهمية لفهم نوايا روما ومن ورائها الدول الغربية.
فموجة الهجرة لم تتقلص رغم زيارة أجراها المشير حفتر إلى روما منتصف العام الماضي، وكانت ترمي للحصول على دعم أوروبي وقتها، غير أن التمدد الروسي المتزايد على ضفاف المتوسط عجل بالتحركات الإيطالية في شرق ليبيا لإغراء قادتها بتعزيز التعاون في مجالات أمنية وسياسية، في مقابل محاولات أميركية جارية في غرب البلاد لموازنة الوجود الميداني لموسكو عبر إطلاق برامج عسكرية مع حكومة «الوحدة الوطنية» تحت عناوين التدريب وجمع سلاح التشكيلات المسلحة ودمجها.
المقاربة الإيطالية لمعالجة الهجرة
وخلال اجتماعها يوم الثلاثاء مع رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ثم المشير حفتر، أصرت ميلوني على معالجة الهجرة من خلال تعزيز التعاون مع دول شمال أفريقيا، وهي خطوة انتقدها المدافعون عن حقوق الإنسان الذين طالبوا إيطاليا بوقف تمويل ما سمته «الميليشيات الليبية».
وحسب مصادر دبلوماسية إيطالية، فقد شددت المسؤولة اليمينية على ضرورة توسيع البلدين تعاونهما في قضية مكافحة الهجرة، وتسليط الضوء على النتائج الرائعة التي جرى تحقيقها بالفعل. وبالتزامن مع زيارتها يستعد البرلمان الإيطالي للموافقة مجدداً على تمويل طرابلس مقابل اعتقال المهاجرين واحتجازهم.
وقدمت ميلوني دعوة إلى ليبيا للمشاركة في مجموعات العمل التابعة لـ«عملية روما»، وهي مبادرة جرى إطلاقها الصيف الماضي لتنسيق الإجراءات السياسية المتعلقة بالهجرة، ومعالجة الأسباب الجذرية مثل الصراع ومحاربة المتاجرين بالبشر.
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية في تصريحات لها، «ليس من قبيل الصدفة أن تكون زيارتي لليبيا واحدة من بين أولى رحلاتي المؤسساتية في منطقة المتوسط، والتي تُظهر أن ليبيا تُعدّ أولوية بالنسبة لإيطاليا ولأجل استقرار حوض المتوسط أيضاً»، كما أكدت ميلوني أن ليبيا تُعدّ أولوية أيضاً في إطار واحدة من أكبر التحديات التي تواجهها أوروبا في الوقت الراهن، ألا وهي أزمة الطاقة.
عرض إيطالي لحفتر
وكتبت جريدة «ريبوبليكا» الأربعاء، أن رئيسة الوزراء الإيطالية عرضت خلال زيارتها ليبيا على المشير خليفة حفتر مزيد الدخل من بيع النفط الليبي مقابل رفض التعاون مع روسيا.
والتقى وزير الداخلية المالطي بايرون كاميليري المشير خليفة حفتر في بنغازي للتباحث حول التحديات الأمنية في البحر الأبيض المتوسط، وأوضحت وزارة الداخلية المالطية في بيان صحفي الثلاثاء أن الجانبين اتفقا على مزيد التعاون في مجالات التدريب والتعليم ومكافحة الاتجار بالبشر والنشاط الإجرامي.
وكان التنسيق المشترك بين البلدين لمواجهة تدفقات الهجرة غير المسبوقة، التي أصبحت تشكل تحدياً كبيراً للجميع، محور لقاء رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب يوسف العقوري القنصل اليوناني غابيوس كالوغنوميس الأربعاء بمدينة بنغازي.
خوري تلتقي أطراف الأزمة الليبية
شرعت نائبة رئيس البعثة الأممية ستيفاني خوري بصحبة المبعوث المستقيل عبدالله باتيلي في عقد سلسلة لقاءات مع الأطراف الليبيية مستهلة اجتماعاتها بالمسؤولين العسكريين، فالتقت كلاً من المشير حفتر في مقره العسكري بالرجمة، ورئيس الأركان العامة لقوات حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» الفريق محمد الحداد.
ووفق المكتب الإعلامي للقيادة العامة، فإن خوري ناقشت مع حفتر «آخر التطورات السياسية للأزمة الليبية، وأهمية مواصلة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا جهودها الرامية للدفع بالعملية السياسية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة تحقيقاً لتطلعات الشعب الليبي»، فيما حضر اللقاء آمر عمليات القوات البرية صدام حفتر، وآمر «اللواء 166» اللواء أيوب بوسيف، وآمر «اللواء 165» اللواء باسم البوعيشي.
والتقى رئيس المجلس الرئاسي والدبيبة، باتيلي في نهاية عمله بحضور خوري، وشملت محادثات الجانبين الجهود الرامية للدفع بالعملية السياسية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفق قوانين عادلة ونزيهة.
عقيلة صالح: لا مبرر لتأخير الانتخابات حتى الآن
جاء ذلك في وقت أطلق رئيس مجلس النواب عقيلة صالح تصريحات جديدة قبيل اجتماع القاهرة الثلاثي المرتقب قريباً مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة أشار فيها إلى أن التدخل الخارجي وتكرار إرسال مبعوثين ليس لهم أية معرفة بالواقع الليبي وخصوصية الشعب الليبي وتركيبته هو من أكبر العراقيل، وفق تعبيره، مؤكداً أنه لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل وجود حكومتين.
أضاف عقيلة صالح في حوار نشره موقع «صدى البلد» المصري الأربعاء، أنه «لا يوجد مبرر لتأخر إجراء الانتخابات حتى الآن، وكل شيء جاهز لإجرائها، من القاعدة الدستورية إلى القوانين، لكن نحتاج مساعدة المجتمع الدولي والدول العربية خاصة بعد تدخل الجامعة».
ويشكك كثير من الليبيين ومتتبعي الشأن الليبي في جدية الدعوات، والادعاءات المتتالية المحلية منها والدولية بشأن التمسك بالمسار الانتخابي، وتحديد موعد ليوم الاقتراع؛ إذ يرى هؤلاء أن الأطراف المحلية الرئيسية هي المسؤولة عن عرقلة هذا المسار لأسباب تتعلق بمصالحها الخاصة، وهو ما أكدته تصريحات جل المبعوثين الأمميين إلى ليبيا، أما الخارج فمحركه الأساسي هو مصالحه التي تتراوح بين موضوعات الطاقة، والهجرة غير النظامية، والوجود الروسي في ليبيا ومخططات موسكو.