اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

احتجاجات أمريكية ضد سياسات ترامب وماسك.. صراع على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية

مظاهرات
مظاهرات

في تحول لافت، شهدت الولايات المتحدة موجة من الاحتجاجات الواسعة التي اجتاحت مدنًا عدة، تنديدًا بسياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب ومالك شركة تسلا سبيس إكس، إيلون ماسك. جاءت هذه الاحتجاجات ردًا على الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في محاولة لتقليص النفقات الحكومية، وهو ما اعتبره المتظاهرون تهديدًا للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، مما أفضى إلى تصاعد غضب قطاعات كبيرة من المجتمع الأمريكي.
أسباب الاحتجاجات
تتمثل أسباب الاحتجاجات في العديد من السياسات المثيرة للجدل التي تبنتها الإدارة الأمريكية، وأبرزها تقليص دور بعض الوكالات الحكومية، فصل آلاف الموظفين الفدراليين، وتخفيض التمويل الفيدرالي لبرامج صحية أساسية مثل ميديكير ومديكيد، بالإضافة إلى تقليص الحماية للمهاجرين والمجتمعات المهمشة، بما في ذلك الأشخاص المتحولين جنسيًا. هذا التوجه، الذي شمل أيضًا محاولة إغلاق مكاتب الضمان الاجتماعي، أشعل موجة من الغضب في الشارع الأمريكي.
ردود حكومية على الاحتجاجات
رغم الاحتجاجات، حاول البيت الأبيض الدفاع عن هذه السياسات، مؤكدًا أن الرئيس ترامب ملتزم بحماية برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية للمستحقين. كما أشار البيت الأبيض إلى أن هناك محاولات من بعض الديمقراطيين لتوسيع هذه البرامج لصالح المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يهدد استدامتها على المدى البعيد. في حين اعتبرت هذه التصريحات من البيت الأبيض بمثابة محاولة للحد من الضغط الشعبي، فإنها لم تكن كافية لتهدئة الشارع الذي واصل تعبيره عن استيائه.
الاحتجاجات في المدن الأمريكية
تحت شعار "إرفعوا أيديكم عنّا!"، نُظمت أكثر من 1200 مظاهرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، شارك فيها أكثر من 150 منظمة، تتنوع بين منظمات الحقوق المدنية، النقابات العمالية، وجماعات مجتمع الميم (LGBTQ+). كان لافتًا أن الاحتجاجات شملت جميع الولايات الأمريكية الخمسين، بما في ذلك العاصمة واشنطن، حيث تجمع المتظاهرون في محيط مبنى الكابيتول والمناطق المحيطة به. المظاهرات امتدت أيضًا إلى نيويورك، بوسطن، أوهايو، وأماكن أخرى، حيث رفع المتظاهرون لافتات تحمل رسائل ضد تقليص الضمان الاجتماعي وتضامنًا مع القضايا الاجتماعية.
وفي واشنطن، برزت كلمات رئيسة "حملة حقوق الإنسان"، كيلي روبنسون، التي نددت بما وصفته بـ"الهجمات الشخصية" ضد مجتمع الميم، مؤكدة أن هذه السياسات تهدد حرية وحقوق الأفراد، مشيرة إلى أن التحركات الحكومية تقوّض كل ما تحقق من تقدم على صعيد حقوق الإنسان في البلاد. في المقابل، عبر المشاركون في الاحتجاجات في أماكن مختلفة عن غضبهم الشديد تجاه الإجراءات التي تمس حقوقهم الاجتماعية، مؤكّدين أن هذه السياسات تمثل تهديدًا للعدالة الاجتماعية.
جدل حول سياسات إيلون ماسك

لم تكن الاحتجاجات مقتصرة على إدارة ترامب فقط، بل طالت أيضًا إيلون ماسك، الذي اشتهر بتصريحاته المثيرة للجدل ودعمه لعدد من السياسات المتعلقة بتقليص الإنفاق الحكومي. كان ماسك، الذي قاد بعض التغييرات في الكفاءة الحكومية، يواجه انتقادات شديدة بسبب تصوره لبرامج الدولة، وهو ما جعله هدفًا رئيسيًا في الاحتجاجات، خاصة بعدما انضم إلى فريق ترامب. في دفاعه عن هذه السياسات، زعم ماسك أنها توفر مليارات الدولارات للقطاع الحكومي.
تشير التحركات الاحتجاجية إلى تزايد القلق الشعبي من تأثير هذه السياسات على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. ففي ولاية فلوريدا، شهدت مدينة بالم بيتش غاردنز احتجاجًا كبيرًا بالقرب من نادي الغولف الخاص بترامب، حيث عبر المتظاهرون عن استيائهم من محاولات الإدارة تقليص الضمان الاجتماعي. كما حذر البعض من أن السياسات الحالية قد تؤدي إلى تفكيك النظام الاجتماعي في الولايات المتحدة.
موقف المواطنين في الولايات المختلفة
على الرغم من أن حركة المعارضة لم تحقق بعد نفس مستوى الاحتشاد الشعبي الذي شهدته مسيرات النساء في 2017 أو احتجاجات "حياة السود مهمة" في 2020، فإن الاحتجاجات الحالية تشير إلى مستوى متزايد من الانقسام في البلاد. في شارلوت بولاية نورث كارولينا، عبر المتظاهرون عن دعمهم لعدد من القضايا الاجتماعية مثل التعليم وحقوق الإنجاب، مؤكدين أن الإدارة الحالية تتجاهل مطالب الشعب. كما أعرب البعض عن استيائهم من تجاهل الحكومة لصوت المواطنين.
كما تعد هذه الاحتجاجات انعكاسًا لمجموعة من القضايا المتشابكة التي تؤثر على المجتمع الأمريكي، بدءًا من حقوق الإنسان إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية. وعلى الرغم من محاولات الحكومة الدفاع عن سياساتها، فإن الحراك الشعبي يظهر تزايد الاستياء من سياسات ترامب وماسك، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذه السياسات في ظل الضغط الشعبي المتزايد.