هدم ممنهج وتغيير ديموغرافي.. شهادات الجنود تكشف أبعاد استراتيجية إسرائيل لإعادة تشكيل غزة

في تقرير يعكس أبعادًا خطيرة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن منظمة حقوقية إسرائيلية شهادات لجنود إسرائيليين خدموا في غزة، أقرّوا خلالها بممارسات هدم منهجية للمباني المدنية، بغرض إنشاء منطقة عازلة على امتداد حدود القطاع. هذه الاعترافات، التي تأتي في سياق تصاعد الانتقادات الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان، تسلط الضوء على بُعد غير قتالي في الاستراتيجية الإسرائيلية، يتمثل في تغيير الواقع العمراني والزراعي لغزة بشكل دائم.
الجنود الذين أدلوا بشهاداتهم وصفوا عمليات الهدم بأنها غير مبررة عسكريًا، إذ لم تكن هناك تهديدات فورية تستدعي هذا القدر من التدمير. بل إن بعضهم أكد أن تدمير المباني والبنية التحتية كان يتم في مناطق خالية من المقاومة، مما يشير إلى أن الهدف لم يكن أمنيًا بحتًا، بل ربما يرتبط بإعادة تشكيل ميداني وجغرافي للقطاع.
كما أوضحت الصحيفة أن الأوامر جاءت من مستويات عليا، حيث أبلغ ضباط الجيش الإسرائيلي جنودهم أن "تطهير" المناطق السكنية ضروري لمنع تكرار هجمات كالتي وقعت في 7 أكتوبر 2023. هذا المبرر، الذي يتخذ من الأمن ذريعة، يفتح الباب أمام تساؤلات قانونية وأخلاقية حول شرعية هذه العمليات، خاصة في ظل قواعد القانون الدولي الإنساني التي تمنع استهداف المنشآت المدنية إلا إذا كانت تُستخدم لأغراض عسكرية مباشرة.
ووفق التقرير ذاته، نفذت وحدات الهندسة العسكرية عمليات هدم واسعة النطاق، شملت أكثر من 3500 مبنى، باستخدام كل من المتفجرات والجرافات. كما لم تقتصر هذه العمليات على البنية التحتية والمباني، بل امتدت إلى تدمير البساتين والحقول الزراعية التي يعتمد عليها الفلسطينيون كمصدر أساسي للغذاء والدخل، مما يضيف بعدًا اقتصاديًا وإنسانيًا خطيرًا للأزمة.
إضراب شامل
عمّ الإضراب الشامل كافة محافظات فلسطين، اليوم الإثنين، تنديداً بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ورفضاً للمجازر التي تطال المدنيين، والمستشفيات، ومراكز الإيواء، في واحدة من أكثر مراحل الصراع دموية.
وجاء هذا الإضراب بدعوة من القوى الوطنية والإسلامية في المحافظات الشمالية، متزامناً مع دعوات أُطلقت عالمياً عبر منصات التواصل الاجتماعي لتنفيذ يوم إضراب شامل على مستوى العالم، بهدف الضغط لوقف حرب الإبادة التي تُمارَس بحق سكان القطاع، وتجديد التضامن مع الشعب الفلسطيني.
أُغلقت أبواب الجامعات والمدارس، والبنوك والمصارف، كما توقفت كافة الأنشطة في المؤسسات الحكومية والأهلية. كذلك أغلقت المحال التجارية والمصانع والمعامل، وتوقفت حركة المواصلات العامة، فخلت الشوارع من المركبات والمارة، في مشهد يعبّر عن وحدة الموقف الشعبي في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.
ترافقت الدعوات المحلية مع حراك رقمي نشِط أطلقه نشطاء فلسطينيون وعرب وداعمون عالميون عبر منصات التواصل، دعوا فيه إلى تنفيذ إضراب شامل تضامني في مختلف دول العالم، للضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية من أجل التدخل ووقف المجازر المتواصلة بحق المدنيين في قطاع غزة.