اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

خارطة طريق أوروبية لفكّ الارتباط الطاقي مع روسيا.. بين ضرورات الجغرافيا السياسية ومخاوف التصعيد الاقتصادي

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

في خطوة تحمل أبعادًا استراتيجية واقتصادية بالغة التعقيد، يعتزم الاتحاد الأوروبي الكشف في السادس من مايو المقبل عن خارطة طريق ترمي إلى التخلص التدريجي من واردات الوقود الأحفوري الروسي.

هذه المبادرة تأتي في سياق مساعي بروكسل لتقليص التبعية لموسكو في مجال الطاقة، دون الإخلال بحاجات السوق الأوروبية التي تعاني أصلاً من تقلبات حادة في أسعار الطاقة وتحديات تنافسية في القطاع الصناعي.

خلفيات التأجيل ودوافع التوقيت الجديد

كان من المقرر نشر هذه الخطة في وقت سابق من العام، إلا أن المستجدات الجيوسياسية، وعلى رأسها التوتر المتصاعد في الموقف الأميركي بشأن الحرب في أوكرانيا، دفعت الاتحاد إلى التريث. كما أن التكتل يسعى للحفاظ على تماسكه الداخلي في ظل تباين مواقف الدول الأعضاء، لا سيما بعد أن لجأت بعض العواصم الأوروبية إلى تعويض نقص الغاز عبر خطوط الأنابيب بزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الروسي، ما شكّل تناقضاً ضمنيًا مع أهداف السياسة العامة للاتحاد.

محاور خارطة الطريق الأوروبية

وفقاً لمصادر مطلعة، تتضمن خارطة الطريق المرتقبة خيارات متنوعة لتقليص واردات الطاقة الروسية، من بينها استخدام أدوات تجارية مثل فرض حصص استيراد أو رسوم جمركية. ويُنتظر أن تتبع هذه الخارطة باقتراح قانوني منفصل لتفعيلها بشكل عملي. ولكن هذه الإجراءات لا تزال محل نقاش، لا سيما في ظل الانقسام بين الدول الأعضاء حول مدى جدواها وتوقيتها.

أمل هش بعودة الغاز وتحديات إعادة الضخ

رغم تراجع الإمدادات الروسية عبر الأنابيب إلى أقل من 5% من احتياجات أوروبا، فإن روسيا ما تزال ثاني أكبر مورّد للغاز المسال للاتحاد. هذا الواقع دفع بعض المتعاملين في السوق إلى التكهن بإمكانية عودة جزء من الإمدادات المتوقفة، خاصة إذا ما نجحت جهود الوساطة الدولية في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في أوكرانيا. لكن خبراء، من ضمنهم جيمس واديل من "إنرجي أسبكتس"، يستبعدون هذا السيناريو نظراً للرفض السياسي الأوروبي، والعقبات القانونية والتقنية التي تحول دون إعادة فتح خطوط النقل القديمة.

عقوبات مؤجلة ومقاومة داخلية

ورغم أن فرض عقوبات مباشرة على واردات الغاز الروسي يُعد من أقوى الأدوات القانونية المتاحة للاتحاد، فإن هذا الخيار لم يُطرح رسميًا حتى الآن بسبب انقسام داخلي، تقوده دول تعتمد بشدة على الطاقة الروسية مثل المجر وسلوفاكيا. في المقابل، فإن خيار الرسوم الجمركية أكثر قابلية للتطبيق، إذ يمكن تمريره عبر آلية التصويت بالأغلبية المؤهلة دون الحاجة لإجماع كامل.

وفي النهاية تعد خارطة الطريق الأوروبية المقبلة ليست مجرد وثيقة تقنية للطاقة، بل هي تجسيد لصراع الإرادات بين مقتضيات الأمن السياسي والجغرافي، وضرورات الاقتصاد والواقعية السوقية. وهي اختبار جديد لقدرة الاتحاد الأوروبي على الموازنة بين مبدأ الاستقلال الطاقي، وتفادي صدمة اقتصادية قد تعيد فتح ملفات الانقسام داخله.

موضوعات متعلقة