اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

أزمة دبلوماسية بين بغداد وبيروت.. تصريحات جوزاف عون تثير غضب العراق وسط تصعيد حول سلاح حزب الله

أزمة دبلوماسية بين بغداد وبيروت.. تصريحات جوزاف عون تثير غضب العراق وسط تصعيد حول سلاح حزب الله
أزمة دبلوماسية بين بغداد وبيروت.. تصريحات جوزاف عون تثير غضب العراق وسط تصعيد حول سلاح حزب الله

في تطور دبلوماسي لافت يعكس حساسية المرحلة السياسية في كل من العراق ولبنان، أعلنت وزارة الخارجية العراقية استدعاء السفير اللبناني في بغداد، علي الحبحاب، للتعبير عن استيائها مما اعتبرته إساءة غير مباشرة لقوات "الحشد الشعبي"، بعد تصريحات أدلى بها الرئيس اللبناني جوزاف عون خلال مقابلة صحفية.

جاءت هذه الخطوة العراقية الرسمية كرد فعل على ما صرّح به عون لصحيفة "العربي الجديد"، حيث نفى وجود أي نية "لاستنساخ تجربة الحشد الشعبي" في لبنان، في معرض رده على سؤال حول إمكانية دمج "حزب الله" ضمن المؤسسة العسكرية اللبنانية. وأكد الرئيس اللبناني رفضه القاطع لتكرار النموذج العراقي، مشدداً على أن السلاح يجب أن يكون محصوراً بيد الدولة فقط، ولا مجال لوحدات مستقلة داخل الجيش، في إشارة ضمنية اعتبرتها بغداد تقليلاً من شأن "الحشد الشعبي"، الذي يمثل أحد أبرز مكونات المنظومة الأمنية الرسمية في العراق.

حساسية مزدوجة وانزعاج دبلوماسي

ردت وزارة الخارجية العراقية بشكل حازم، إذ عبّر وكيل الوزارة لشؤون العلاقات الثنائية، السفير محمد بحر العلوم، عن "عدم ارتياح" العراق إزاء هذه التصريحات، مؤكداً أن الحشد الشعبي "جزء مهم من المنظومة الأمنية العسكرية" ولا يجوز استخدامه كمثال سلبي ضمن سياقات داخلية لدول أخرى. كما أعرب بحر العلوم عن استياء العراقيين من هذا الطرح، خاصة في ظل مواقف العراق الداعمة للبنان عبر العقود، سواء في الأزمات الاقتصادية أو السياسية.

وأكد المسؤول العراقي أن التصريحات لم تكن موفقة، وكان من الأجدر تجنب زج العراق في تجاذبات السياسة اللبنانية، مطالباً بتصحيح هذا الخطاب بما يعكس الاحترام المتبادل ويحفظ العلاقات الأخوية بين البلدين.

محاولة لاحتواء الأزمة

من جانبه، سعى السفير اللبناني في بغداد إلى احتواء الموقف، مشدداً على "عمق العلاقات الأخوية" بين البلدين، ومؤكداً أنه سينقل موقف الخارجية العراقية إلى الرئيس عون، مع وعد بالعمل على تصويب ما حدث بما يسهم في حماية وتطوير العلاقات الثنائية. كما أشار إلى تطلع لبنان إلى دور العراق في المساهمة بإعادة الإعمار، وهي رسالة ضمنية تؤكد أهمية الحفاظ على التوازن الدبلوماسي في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان.

صراع الداخل اللبناني وسلاح حزب الله

تصريحات الرئيس عون جاءت ضمن سياق داخلي معقد يشهده لبنان، حيث يزداد الجدل حول مستقبل سلاح "حزب الله"، وضرورة إعادة هيكلة العلاقة بين الحزب والدولة اللبنانية. وسبق لعون أن كشف عن "مرونة" أبداها الحزب في مناقشة ملف السلاح وفق جدول زمني، وهو ما أكده لاحقاً مسؤولون من الحزب نفسه.

لكن حين تم سؤاله عن إمكانية تبني نموذج "الحشد الشعبي" في التعامل مع "حزب الله"، نفى ذلك بشكل قاطع، ما أعاد التوتر مجدداً مع العراق، الذي يرى في الحشد مؤسسة شرعية تأسست لمواجهة الإرهاب وتحظى بغطاء رسمي وشعبي واسع.

هذه الحادثة تكشف هشاشة العلاقات العربية البينية، التي تتأثر بتصريحات سياسية يمكن أن تُفسر على نحو متناقض، خاصة حين تتعلق بمؤسسات ذات طابع عسكري أو أمني. ورغم الجهود اللبنانية لاحتواء الموقف، إلا أن هذه الأزمة تضيء على ضرورة ضبط الخطاب الرسمي، وتؤكد أن التداخل بين القضايا الداخلية والخارجية قد يتحول سريعاً إلى أزمة دبلوماسية ما لم يتم التعامل معه بحساسية ومسؤولية.